أجواء روحانية عاشتها الساحة المركزية «بلاص دارم» بالمدينة القديمة بعنابة، وهي تستعيد عبق التاريخ الإسلامي من خلال احتضانها لتظاهرة «الحضرة العيساوية الكبرى»، والتي كشفت عن التراث الشعبي الفني العريق لمدينة بونة، والذي يتميز بالتنوع والأصالة.
سهرة فنية بامتياز عاشتها المدينة في رحاب الحضرة العيساوية، والتي استقطبت جمهورا كبيرا لسكان عنابة المتعطشين لمثل هذه السهرات، التي أحيت واحدة من أعتق أحياء عنابة «بلاص دارم» وأعادت لها مجدها المعطر بعبق التاريخ، فإلى ساعات متأخرة من الليل استمتع العنابيون بالحضرة العيساوية التي شارك في إحيائها مجموعة من الفرق الفنية، يتقدمهم رائد الطريقة العيساوية «علي مقدم».
أبدع هؤلاء الفنانين في إيصال هذا التراث الفني العريق لسكان بونة، والتعريف به لدى الجيل الجديد، على اعتبار أن الاحتفالية الضخمة شهدت إقبالا لمختلف الفئات والأجناس، منهم الشباب والأطفال، حيث قدموا لوحات فنية رائعة للحضرة العيساوية، والتي لقيت الإعجاب من قبل الجمهور الحاضر، بعد أن أدى المشاركون قصائد دينية لمريدي الطريقة الصوفية، على غرار سيدي لخضر بن خلوف وأحمد البوني وغيرهما، وهي القصائد التي تتغنى بمدح خير البرية والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، وتنادي بالتقرب إلى الله عزوجل.
الفرق المشاركة في «الحضرة العيساوية الكبرى» صنعت الفرجة، وجلبت الاهتمام للعنابيين، الذين أبان الكثير منهم عن حبهم لتراث بلدهم وما تزخر به بونة من عادات وتقاليد وفنون، واكتشاف الخصائص الفنية والموسيقية للحضرة العيساوية وجوها الروحاني، بعد أن أبدعت الفرق في تقديم أشهر الأناشيد والابتهالات.
الاحتفال بالحضرة العيساوية بالساحة المركزية «بلاص دارم» أراد من خلالها القائمون على رأس الثقافة بمدينة عنابة، إحياء هذا الحي العريق وذاكرة المدينة القديمة تثمينا لموروثها الثقافي العريق، واستعادة أمجاد الأمكنة الآهلة بعطر التاريخ في هذا الشهر الفضيل، حيث تواصلت التظاهرة على مدار يومين أين كان الموعد خلال السهرة الثانية مع شيخ المدينة إبراهيم باي فنان الأغنية الشعبية بامتياز في عنابة، حيث أدى باقة من أغانيه المتميزة التي استقطبت جمهورا غفيرا من عشاق هذا الفنان الذي عاد إلى جمهوره بعد انقطاع دام سنوات.
كما كان في الموعد فنان المالوف مبارك دخلة، والذي بدوره صنع الفرجة، وتألق في سهرة رمضانية، حيث أمتع الحضور بروائعه محلقا بهم في سماء الفن الأصيل والملتزم، إلى جانب ذلك تخللت السهرة وقفة تكريمية للفنان القدير عبد الوهاب بوذراع، متبوعة بفواصل فكاهية مع الفنان الفكاهي «بيبو».