تحت عنوان «أضواء الجزائر»،يحتضن المتحف الوطني «سيرتا» بقسنطينة، منذ أول أمس، معرضا للفنان التشكيلي المبدع «محمد بشير بوشريحة»، حضرته نخبة كبيرة من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي والفنون التشكيلية على وجه الخصوص.
يضم هذا المعرض 25 لوحة زيتية، تمثل جزءا يسيرا من مجموع الأعمال التي أبدعتها أنامل الفنان «محمد بشير بوشريحة»، خلال مسيرته الإبداعية والتي تجاوزت أربعة عقود من الزمن.
تجسد هذه اللّوحات مواضيع مختلفة حاكى فيها الفنان بوشريحة وبطريقة، تارة انطباعية وتارة أخرى واقعية، المناظر الطبيعية والعمرانية لمختلف المدن الجزائرية وأيضا الإنسان والتراث، حيث استخدم في لوحاته ـ بحسب ما أكده للجمهور يوم افتتاح المعرض ـ مختلف التقنيات والألوان وخاصة إبراز تقنية الظل والبعد الثالث الذي طبع أغلب أعماله.
نذكر من بين عناوين هذه الأعمال المبهرة، لوحاته التي تجسد معالم قسنطينة منها: «باب القنطرة وسيدي مسيد وجسر الشلالات و..» و»شاطئ شابي» بعنابة و» جني التمور بطولقا» ببسكرة، و « ومنظر «عين الفوارة» بسطيف و» إستراحة الطارقي» بأدرار ولوحة «فلكلور بتمقاد» بباتنة و»الجامع الجديد» بالجزائر العاصمة، وغيرها من اللوحات التي تنقل بشكل ملفت للنظر معالم المكان في لحظة توحي فيها للمشاهد بتوقف الزمن وانتقال هذا المنظر بين جدران أطر اللّوحة التي أبدعتها أنامل هذا الفنان، ومن الأمثلة الحيّة على هذه النماذج المعبّرة لوحة «المغنيات الطارقيات»، بمنطقة تمنراست، حيث استطاع الفنان «محمد بوشريحة» نقل ملامح المغنية «الطارقية» وحركاتها أثناء الغناء بشكل مبدع لا فرق فيه بين عمل جسدته ريشة فنان وصورة التقطتها آلة تصوير.
على هامش هذا اللّقاء، صرّح الفنان محمد بوشريحة لـ « الشعب»: «لدينا في الجزائر تراث ثقافي غني ومتنوع جدًا، وهنا ومن خلال هذا المنبر أدعو الفنانين التشكيليين لتقييم هذه الأعمال التي أقدمها اليوم للجمهور ؟.. إن عملتي الوحيدة هي أن الذي يريد أن يعمل يجد كل الوسائل وان الذي لا يعمل يجد كل الأعذار؟، أنا أرى اليوم أنه لا عذر لنا لعدم وجود الهياكل والمرافق الثقافية، فهذا ليس مبررا للعزوف عن العمل، بل القضية تكمن في الإرادة، فعندما نريد نصل الى مبتغانا ..»، ويضيف بوشريحة: « .. كل الأعمال التي تعرض اليوم قمت بها بمفردي وبمحض إرادتي، فهي لا تمثل سوى جزءا صغيرا جدا من مجموع أعمالي الأخرى .. لقد أنجزت 60 لوحة بنفس نمط اللوحات المعروضة حاليا، بمتحف «سيرتا»، فاللوحة تستغرق مني وقتا وجهدا بين الشهر والأربعة أشهر، استجمع فيها كل طاقاتي التجريبية والفكرية لأخرجها على أحسن وجه».
كانت السيدة « أمال سلطاني» محافظة المتحف العمومي الوطني «سيرتا» وفي تقديمها لمعرض الفنان التشكيلي «محمد بشير بوشريحة»، قالت إنه من الصعب ان نتحدث عن الأعمال الفنية للإنسان الذي نعرفه أونعتقد أننا
نعرفه، فمعرض «أضواء الجزائر» هو فسحة مستمرة للبحث عن جوانب وأفاق جديدة ومتنوعة تحاكي العالم الخارجي، بنسق جميل من الألوان، الإضاءة والحيوية، فهذا الفنان ـ كما أضافت ـ نجح من خلال هذا المعرض أن يترجم كل الإحساس الذي يُكّنه الى مدينته قسنطينة والمدن الجزائرية الأخرى وأيضا للإنسانية عبر الوجوه والحركات والأشكال وحتى في التزامه الذي استطاع من خلاله الاحتفاظ بطابعه الشخصي جدا. وتختم السيدة سلطاني قولها: «إن لوحات محمد بوشريحة أعمال فريدة من نوعها من خلال طريقته التي تتميز بالانطباعية في بعض الأحيان، والواقعية في أحيان أخرى، فهي تكشف للمشاهد في الأخير جمال الألوان التي تتميز بها الجزائر».