ما يزال الموقع الأثري «بورتوس ماغنوس» المتواجد ببطيوة (حوالي 40 كلم شرق وهران) يعاني أبشع أنواع الإهمال والتقصير التام، رغم النداءات المتكرّرة للمهتمين بالتاريخ والمثقفين ومختلف أجهزة المجتمع المدني، وعلى رأسهم ممثلو المنطقة المتعارف عليها باسم «الدواميس».
كانت هذه المدينة التاريخية التي تشبه إلى حدّ كبير «تيمقاد» الأثرية بولاية باتنة ومدينة «جميلة» بسطيف من أكثر المناطق جذبا للسياح خلال الحقبة الاستعمارية وسنوات السبعينات، وقد زارها العديد من الباحثين والمكتشفين الأجانب المهتمين بالدراسات الأثرية، كما تعرضت إلى عمليات سرقة وتنقيب غير شرعية.
وحاليا تصنّف «بورتوس ماغنوس» في خانة الإهمال وتحوّلت إلى مزابل وأوكار لتعاطي الخمر وممارسة الرذيلة، في ظلّ غياب السلطات المعنية وتجاوزات المواطنين في حقها وانعدام الثقافة السياحية، رغم أنّها من أكبر وأشهر المواقع الرومانية بالغرب الجزائري، تتربع على مساحة 30 هكتارًا وتجتمع فيها جميع معالم المدن الرومانية من كنائس وسكنات وشوارع ومقرات يعود تاريخها إلى التواجد الفينيقي الروماني بمدينة وهران.
وشدّد رئيس جمعية حماية الآثار الرومانية لمدينة بطيوة، عقبة باي بوسالة على ضرورة أن تعمل السلطات ومنظمات المجتمع المدني المختلفة معا لحماية الذاكرة التاريخية للمجتمع الوهراني، مما يقتضي ـ حسبه ـ حمايتها بشتى الطرق والوسائل القانونية والسعي جاهدا لإبراز قيمة التراث العريق للمدينة بمختلف مكوناته وعناصره والعمل على نقله بصورة سليمة إلى الأجيال القادمة.
وقال السيد عقبة إن، «الأهداف تأسست من أجلها جمعيتهم في سنة 2011، تكمن أساسا في حماية الآثار الرومانية لمدينة بطيوة من المصير المجهول «معربا عن تأسفه لـ «عدم تجسيد أية عملية ملموسة لإعادة الاعتبار للموقع، رغم أنها من أغنى المناطق السياحية والاقتصادية بالولاية».
وحسب نفس المتحدّث فإنّ «بطيوة القديمة تحتاج إلى دراسة شاملة لغرض تطويرها، وجعلها مناسبة وجاهزة لاستقبال السياح المحليين والأجانب»، مبيناً أن «المجتمع المدني وحده لا يستطيع أن يرد الاعتبار للمناطق الأثرية وتقديمها كرمز سياحي، بسبب تهاون السلطات المحلية وتهميشها لهذا الملف».
وأوضح عقبة أنّ «الديوان الوطني لتسيير واستغلال الآثار بإمكانه على الأقل تخصيص حراس ومرشدين سياحيين بمساعدة جمعيتهم، لكن الموقع حاليا ليس تابع لهم» لافتاً إلى أن «الاهتمام حالياً ينصبّ على تسييج المعلم ووضع حراسة دائمة».
مع العلم أنّ شركة سوناطراك الجزائرية، كانت قد وفت بوعودها وخصّصت في وقت سابق ميزانية مالية، لتسييج الموقع الأثري «بورتوس ماغنوس»، غير أن تلك الأموال المحصلة لم تعرف بالتحديد قيمتها ووجهتها.
كما سبق وأن أعدت مديرية الثقافة مخططا لإعادة الاعتبار للموقع الايكولوجي بطيوة، وهو عبارة عن دراسة، قام بإجرائها مكتب مختص في المجال بخبرات أجنبية وبالتنسيق والتعاون مع نفس الجمعية، وفق ما أشير إليه.
جدير بالذكر أن وهران، تزخر بـ 06 مواقعا رومانيا من بينها: بورتيس ديفينيس بالمرسى الكبير وميناء وهران وقطار أغبال ورأس الماء بضواحي طفرواوي ومسرغين بغابة طرزيزة، وكل هذه المواقع مربوطة بشكبة طرقية يعود تاريخها إلى التواجد الروماني بالمدينة، ولا تزال الطريق الرابط بين مرسى الكبير ومسرغين ومدينة العنصر متواجدة إلى يومنا هذا.