خلال ندوة صحفية نشّطها نهاية الأسبوع بالمسرح الوطني، تطرّق نسيم إزري، رئيس جمعية أحباب المسرح، إلى مسرحية «دمعة ألم» التي ستحتضن دار الثقافة بالقليعة عرضها الشرفي أمسية الخميس المقبل. وقال إزري إنّه اقتبس النص عن المسرحية الكلاسيكية «أنتيغون» لسوفوكليس، التي تعبّر عن معاناة الشعوب بسبب الطغيان، ما يمكن إسقاطه على الواقع العربي، فيما اعتبر المخرج المصري سعيد نصر سليم أن نص سوفوكليس صالح لمعالجة العصر الحالي.
اعتبر رئيس جمعية أحباب المسرح بالقليعة، نسيم إزري، بأن «أنتيغون» ترمز إلى المرأة التي لا تتزعزع ولا تنحني، والتي انتفضت في سبيل تحقيق مبادئها لتضطر في النهاية إلى الانتحار.
من جهته، قال مخرج العرض، سعيد نصر سليم، إنّ نص سوفوكليس ما يزال صالحا لمعالجة عصرنا الحالي، رغم أنه نص يمتد تاريخه إلى 2400 عام، والسبب هو أن معاناة الإنسان وانتفاضاته ضد الظلم ظاهرة أزلية ومستمرة، ولا يهم إن نجح ذلك أو لا في نظر المخرج، مادام الإنسان يواصل محاولاته لرفض الغبن والعيش بسلام وكرامة.
وقد سبق للمخرج والمؤلف المسرحي المصري سعيد نصر سليم أن عمل أستاذا في معهد الفنون الدرامية ببرج الكيفان منذ العام 1974، كما نظّم أول مهرجان مسرحي «الصوت والضوء» سنة 1976، وهو المهرجان الذي استمر إلى غاية 1983 بقلعة بني حماد. ويقوم سليم حاليا بتأطير ورشات في «آليات فن الإلقاء المسرحي» عبر مختلف ولايات الوطن، كما يحضّر لعملين مسرحيين من تأليفه: الأول تحت عنوان «الشرخ» ويشتغل عليه رفقة السينوغراف والمسرحي عبد الرحمن زعبوبي، والثاني تحت عنوان «دماء على نهر دجلة».
كما تطرّق المخرج المصري إلى رؤيته الإخراجية للعرض، معتبرا أنه اعتمد طريقة إخراج معاصرة تماما، مع محاولة المحافظة على المناخ الإغريقي في النص حتى لو اضطره ذلك إلى الاعتماد على الأسلوب الكلاسيكي. كما مزج سعيد نصر سليم بين الأسلوبين الواقعي الطبيعي من جهة والعصري من جهة أخرى، وقام بإضافة بعض الجمل ليكون العرض إسقاطا على الواقع المعاصر، وفي ذلك تلميح إلى مرور الدول العربية عبر تلك الظروف، وذكر على سبيل المثال مقطع «لا تحلموا بعالم سعيد..خلف كل قيصر يموت يأتي قيصر جديد».
وفي معرض حديثه، أشاد سعيد نصر سليم بالطاقات التمثيلية الهائلة التي يمتلكها المسرح الجزائري، والتي تفوق في مواهبها خيرة الممثلين العرب، وأضاف: «لقد ذهلت لما زرت المسارح الجهوية والفرق والتعاونيات والجمعيات خارج العاصمة، لكن جهود هؤلاء مشتتة، لذلك لم يتمكنوا من البروز»..أما ممثلو العاصمة فقد أصبحوا حسبه «مجرد موظفين للأسف الشديد، ما جعلهم يبتعدون عن الإبداع».
كما يتميز المسرح الجزائري في الجانب السينوغرافي، يضيف سليم، خاصة بوجود مبدعين قلّ مثيلهم في المشرق العربي، ورغم قلة هؤلاء السينوغرافيين فقد استطاعوا أن يجدّدوا ويخرجوا عن كل القواعد والإطارات، ومن الأمثلة التي ذكرها هنالك عبد الرحمن زعبوبي، حمزة جاب الله، مراد بوشهير، أحمد رزاق، وغيرهم من الذين وضع كل منهم بصمته الخاصة في هذا المجال.
مع ذلك، لم يُعف المتحدث المسرح الجزائري من وصف «المعاناة»، خاصة فيما يتعلق بالإخراج، والنصوص القليلة والتي تفتقر إلى البناء الدرامي حسبه، وذلك نتيجة اعتماد الرواية كمورد أول وهو ما يجعل السرد والحكي عبئا يستحيل معه تحويل العمل إلى نص ركحي ينتج عرضا مسرحيا. ويقترح سليم لهذه المعضلة حلّا يكمن في تكفل وزارتي الثقافة والتعليم العالي بإرسال بعثات إلى الخارج لدراسة الكتابة المسرحية الأكاديمية، بهدف خلق نوع من التجديد في كتابة النصوص.