سيكون المسرح الوطني الجزائري محيي الدين بشتارزي، يومي الثلاثاء والأربعاء 13 و14 مارس، فضاءً للاحتفاء بذكرى الفنان الجزائري ذي الصيت العالمي، الفقيد عبد القادر فراح. في هذا الصدد، نشط كل من محمد يحياوي، مدير المسرح الوطني، والمخرج زياني شريف عياد والأكاديمي د.سعيد بن زرقة، ندوة صحفية، أمس الثلاثاء، تطرقوا فيها إلى برنامج هذا الحدث، الذي يعتبر، بحسبهم، خطوة أولى ضمن مواعيد قادمة تنقب في آثار الراحل وفلسفته الفنية.
في كلمته، أكد محمد يحياوي سعي المسرح الوطني إلى تسليط الضوء على الفنانين الجزائريين داخل الجزائر أو خارجها، وستكون البداية مع السينوغراف والفنان التشكيلي عبد القادر فراح، الذي عمل مع فرقة شكسبير الملكية بلندن. وسيكون الاحتفاء بالفنان يومي 13 و14 مارس، من خلال معرض خاص بأعماله، والمكتبة التي أوصى بإهدائها إلى المسرح الوطني الجزائري بعد وفاته، وتتكون لجنة تنظيم اللقاء من المخرج زياني الشريف عياد، والدكتور سعيد بن زرقة، والفنان رزقي العربي.
من جهته، قال زياني الشريف عياد، إن فراح «ليس معروفا كثيرا هنا، وبداية من هذا اللقاء سنبدأ في معرفته، ويلزمنا وقت لذلك». وسيساعد على ذلك الكتب والأقراص المضغوطة والتسجيلات التي أهداها للمسرح الوطني التي ستسمح بالتعرف على منهجية عمله، خاصة في مجال السينوغرافيا، وهو الذي شارك في أكثر من 350 عرض من مسرحيات وأوبرا وكوميديا موسيقية، وساهم في التكوين في عدة بلدان، وتعامل مع أكثر من 30 مخرجا خاصة مع فرقة «روايال شكسبير كومباني» اللندنية العريقة.. «هي بداية لمغامرة فنية ستدوم أعواما» يقول زياني، نظرا لكثرة المراجع الواجب الاطلاع عليها، مشيرا إلى أن المكتبة مفتوحة للصحفيين والباحثين.
أكد زياني الشريف عياد أن فراح حاول في عدة مرات أن يقدم أشياء للجزائر ولكن ذلك لم يتحقق، وفيلم علي عيساوي الوثائقي، الذي سيتم عرضه، يتطرق إلى زياراته للجزائر، فيما لم تتوفر الشروط المناسبة ليحقق مشاريعه: «كنا نأمل استقراء أعماله في حياته»، يقول زياني، مشيرا إلى وجود عمل على الأرشيف الذي تركه فراح هنا وهناك، في محاولة للعثور على أكبر عدد ممكن من الوثائق.. كما تحدث زياني عن إمكانية الشراكة بين المسرح الوطني وفرقة شكسبير الملكية.
أما الدكتور سعيد بن زرقة، فلخص أهداف هذا النشاط في جمع أعمال عبد القادر فراح، الرسام والسينوغراف، من صور ولوحات يمكن إصدارها في كتاب فاخر، وفتح الباب لمساءلة السينوغرافيا في الجزائر، لأنها لم يتم التطرق إليها كثيرا مقارنة بالمواضيع الأخرى، واستثمار عبد القادر فراح الذي يشكل جسرا بين الجزائر والآخر الممثل في بريطانيا، من خلال عقد اتفاقيات وتبادل التجارب، خاصة وأنه الأجنبي الوحيد الذي اشتغل في فرقة شكسبير الملكية، وهذا يدل على موهبته الكبيرة. كما تحدث بن زرقة عن العمل على قراءة سينوغرافيا فراح، «يفترض أن نشاهد الكثير من المسرحيات التي اشتغل عليها لنقدم قراءة نقدية»، ورأى بن زرقة في هذا العمل رسالة إيجابية للشباب، لأن فراح تنقل من زاوية بسيطة في قصر البخاري ليتحول إلى فنان عالمي.
سيشهد اليوم الأول من التظاهرة تقديم الهبة التي تركها الراحل، وعرض وثائقي أخرجه علي عيساوي تحت عنوان: «عبد القادر فراح.. من قصر البخاري إلى فرقة شكسبير الملكية». أما اليوم الثاني فسينشطه الطيب ولد عروسي بمداخلة عنوانها: «عبد القادر فراح.. بيبليوغرافيا ودلالات»، اشتغل فيها ولد عروسي على الأرشيف والوثائق التي خلفها فراح هنا وهناك، من دراسات وبحوث، ومناصرة للقضايا العادلة على رأسها القضية الفلسطينية. كما تقدم عائلة الراحل (يمينة ومروان فراح) شهادات عنه، خاصة طفولته وبداياته في الزاوية واطلاعه على التراث وهو ما خلق خلفيته المختلفة التي أعطت لمسة فنية متميزة، وفي ذات السياق من الشهادات ستذهب مداخلة اعمر أزراج وعنوانها: «ذكرياتي مع عبد القادر فراح».
أكد د. بن زرقة أن هذه الطبعة ترمي إلى محاولة جمع ما أمكن من أعمال الفقيد، «ومن خلال مكتبته نتعرف على مرجعيته وثقافته، ونلمس إلى أي مدى كان الرجل موسوعيا».
عن سؤالنا حول عدم استضافة مسرحي بريطاني سبق له وأن عمل مع فراح، على الرغم من أن التظاهرة تنظم بالتعاون مع المجلس البريطاني (بريتيش كاونسيل)، أجاب زياني الشريف عياد بأن الخطوة الأولى كانت التعرف على الأشخاص الذين اشتغلوا معه فعلا، وهذا «لتكون اقتراحاتنا أوضح وأدق، لذلك فهو لقاء أول تحضيري للقاءات أخرى قادمة»، يقول عياد، الذي اقترح أن يكون موضوع الطبعة المقبلة حول «علاقة المخرج والسينوغراف»، وبحضور شخصيات مسرحية بريطانية.
أما عن سؤالنا حول أعمال فراح المكتوبة، أجاب د. بن زرقة بوجود دراسات منشورة في مجلات دولية في المسرح والفكر، كما عُرف الفقيد بمراسلاته الدقيقة جدا، وكان يسجل آراءه صوتيا، وهناك أشرطة تحتاج إلى تفريغ تتضمن آراءه وملاحظاته، وكل هذا يمكن الاستفادة منه.