هو عمل استثنائي ومجهود سبع سنوات تقريبا، و هو يحتوي على 2450 صفحة، يشمل أكبر روائيي المغرب العربي من نواقشط إلى بنغازي، وهم 390 روائي وروائية، من بينهم أسماء جزائرية لامعة كمولود معمري، كاتب ياسين، مولود فرعون، آسيا جبار، زهور ونيسي، أسماء اختيرت في الفترة الممتدة بين 1910 و2010 -، إنها انطولوجيا “سير وتراجم روائيي المغرب العربي” للكاتب والروائي والباحث التونسي المحسن بن هنية، التي أرادها طريقة عملية ليبرهن للجميع انه لا حدود أمام الثقافة والإبداع.
«الشعب»: كيف ومن أين كانت الانطلاقة في هذا المشروع الكبير؟
الكاتب والروائي المحسن
بن هنية: عندما شرعت في عملي، تناولت في البداية روائيي تونس، تم ليبيا ثم الجزائر، ... إلا أنني مع الوقت عدلت عن هذا التبويب، وجمعت العمل في ما يشبه الموسوعة، تشمل المجتمع ، قناعة مني أن ظروف هؤلاء الكتاب هي واحدة، أو تكاد من حيت النشأة والظهور والبدايات تم اقتناعي بأن الحدود السياسية مصطنعة، ولا يقف عندها الإبداع وهي لا تعني سكان رقعة الأرض بقدر ما تعني الساسة، فالوطن العربي كله واحد ولكن هناك بعض الخصائص المحلية التي يتفرد بها هذا البلد، فأخذنا روائي المغرب العربي الذين يشملون عائلة واحدة، ولقحوا وهم صغار بالرواية الشرقية، ونضجت تجربتهم في أحضان الرواية والمدرسة الفرنسية الغربية، فكانت لهم تشابهات و نقاط مشتركة في معايشتهم لثورات التحرير ونضالهم وكفاحهم ضد الاستعمار.
الشكر موصول للأستاذ الدكتور محمد طرشونة الذي راجع هذا العمل ووجهني وإلى الأستاذ الدكتور بوشوشة بوجمعة، ليبيا د.صالح السنوسي، د.3 محمد القاسمي، الأستاذة كرام زهرة، من الجزائر عبد الرحمان تبرماسي، الذين ساهموا معي في إنجاح هذا العمل الطويل.
- هل كان العمل والبحث سهلا في السير الذاتية لهذا الكم من الروائيين المغاربة؟
لم أعتمد الأسلوب الأكاديمي في كتابة هذه السير هروبا من جفائه وتشدده اللهجي، بل اخترت أسلوبا متفردا، نحوت فيه منحى هو أقرب إلى الإبداع، دون أن يقطع صلته تماما بالعلم والتوثيق ومزج المعرفة بالخيال، وهو أسلوب تستشف من خلاله أحداث قد تحصل في أحوال الفرد والجماعة، فمثلا، نستعمل «لقد فرح الأب بمجيء المولود ولعله ذبح خروفا بالمناسبة»، حتى يدرك هذا التصرف من لدن الملتقى على أنه مجرد احتمال.
والفت النظر إلى أن ثراء السيرة أو قصرها ليس له خلفية ما وإنما يعود إلى طبيعة المادة العلمية والثقافية التي توفرت لنا، وهي تتفاوت من كاتب إلى آخر، بقدر ما تتوفر المعلومات عن المترجم له يكون اتساع المادة المكتوبة، مع الإشارة إلى أننا لم ندخل أي تغيير أو إضافة على هذه السير والتراجم، فتركنها كما كتبت في البداية.
- ما هو المغزى من “سير وتراجم”؟
حاولت أن أخلق طريقة جديدة في كتابة السير الذاتية للروائيين، باعتباري لست باحثا بالصورة الأكاديمية، لكن مبدع، تناولت هذه السير بشكل إبداعي خالفت فيه الطريقة التقنية الأكاديمية المعهودة، الشخصية الروائية التي تترجم لها من نشأتها وكيف تواصل مسيرته تم في سن المراهقة ، و في الثانوي و الإعدادي، حيت تبدأ شخصيته تنضج وتكون قد بدأت رحلته من كتابة الشعر والنصوص عن حب و يتأثر، بكتب يقرأها ومدرسة معينة، مدرسة الرومانسية، المنفلوطي، جبران خليل جبران وأوجه التشابه تقتضي إلى جمعهم في مجموعة واحدة.
تراجم توحي للسامع أو القارئ، بحدود مقتصرة على الترجمة بالمفهوم القاموسي أو البيبلوغرافي، أي تاريخ الولادة ومكانها، أين تعلم ودرس، الشهادات التي تحصل عليها، مؤلفاته، في حين أرى السيرة، هي أوسع وتعني المسيرة مع الفعل والخصائص فإذا قلنا سيرة السلف أو سيرة الإنسان فلا يوحي هذا القول بالمفهوم المصطلحي لكلمة الترجمة.
- ما هي العراقيل التي صادفتكم في انجاح سير وتراجم كيف السبيل للتغلب عليها؟
كانت التكلفة كبيرة، أكثر من 30 ألف دينار تونسي، جعلت دار النشر بتونس تتوقف عن طباعة الإصدار، فالعمل يحتاج إلى دعم وزارة الثقافة، فكان اقتراح من الأخوة الجزائريين من بسكرة، وخاصة دار النشر بن زايد على أن تصدر الانطولوجيا في كل أقطار المغرب العربي، انطلاقا من الجزائر، خاصة وأن وسائل الاتصال الالكتروني اليوم تسهل الكثير من الأمور وبالتالي يمكن لنا أن تقضي على التبعية في النشر لدول الخليج والمشرق، ونصدر في دول المغرب العربي.
- هل هناك فكرة أو مشروع لسير وتراجم لروائيين آخرين مستقبلا؟
المغرب العربي يشمل الدول الخمس المذكورة وحوض النيل يشمل مصر ة السودان وأريتيريا والصومال والخليج بدوله المعروفة والشام وما بين النهرين، الذي يشمل العراق و سوريا والأردن، فلسطين ولبنان والرغبة لا تزال تسكنني، أن امتد بي العمر، أن أتناول السير والتراجم لروائيي هذه الأجنحة.
آمل أن أجد الدعم ممن بإمكانهم مساعدتي من الأخوة الروائيين أو من الدوائر المكلفة بالجوانب الثقافية والبحثية.
- كيف هي علاقة المحسن بن هنية مع الجزائر ومبدعيها؟
كان لي هذه السنة حضور سابق قصير في مدينة عنابة في ملتقى حول الأديب الكاتب “كاتب ياسين ثم لقاء أواخر شهر أكتوبر آخر ببسكرة، وقدمت هناك مداخلات وكان لقاء شيق جدا أمام جمهور الطلبة والشباب، بهده المدينة المضايفة، كان اليوم الأول مع المكتبة والمقهى الأدبي، بدعوة من إتحاد الكتاب فرع بسكرة، وفي اليوم الثاني كان هناك لقاء مع طلبة جامعة، كان هناك احتفاء وترحيب وفتحت خلال اللقاءين نافدة تحدثنا من خلالها على التجربة الروائية المغاربية ككل وكنا معنا البروفيسور عبد الرحمان تبرماسي
كانت لي أيضا مشاركة في الصالون الدولي للكتاب في طبعته الـ22، حيت أذهلني الإقبال الكبير على الإصدارات بتنوع مجالاتها ولغاتها، وعلى الكتابة أيضا وهي كثافة لم أشهدها في أي معرض آخر، إلى جانب الإقبال الكبير للشباب الجزائري الذي يملك ثقافة متنوعة وواسعة.
المحسن بن هينة في سطور
كاتب مخضرم من مواليد 27 ديسمبر 1947 بقرية الحنية ولاية سيدي بوزيد بتونس ، كتب في الرواية و القصة و البحوث، اشتغل في الأعمال الحرة، نشط في اتحاد الصناعة و التجارة و الصيد البحري كعضو، تولى رئاسة اتحاد الكتاب التونسيين بسيدي بوزيد لأكثر من عشر سنوات ، و يشغل حاليا رئاسة فرع الاتحاد بمدينة بزغوان.
بدأ الإصدار و عمره 58 سنة، و هو يحمل اليوم في رصيده 14 عنوانا .
من مؤلفاته : في الرواية: رواية ثبات (1997) ، اضغاث (1997)، الزمن ورؤوس الحية (2000)، على تخوم البرزخ (2001) الذي طبع المرة الاولى بصفاقص و الطبعة الثانية لدار النشر بن زايد ببسكرة بالجزائر، مرافئ الجنون (2003)، المستنقع... التحليق بجناح واحد، من فيض المكان(2006) ،توق يحاصره الطوق (2011).
و في القصة القصيرة: - القمر لا يموت (2000)، دون الجهر بالكلام (2002)، الزهرة و الخريف (2003)، أحوال...أو إن الإنسان لفي خسر (2011)، و حديث الليل (2011).