أشاد الدكتور مولود عويمر من جامعة الجزائر 2 خلال ندوة تاريخية بمناسبة ذكرى وفاة العلاّمة الشيخ مبارك الميلي 73 بميلة على البعد الوطني التاريخي لكتابه “تاريخ الجزائر القديم والحديث” من خلال تعريفه لمصطلح التاريخ تعريفا دقيقا وشاملا، حيث وصفه بمراة الغابر ومرقاة الحاضر، وبأنه دليل وجود الأمم وديوان عزها، كما عرف الشيخ الميلي التاريخ بأنه سنة الكون وطبيعة العمران وسيرة الأنبياء والأولياء وأعمال الأبطال وتدابير السياسيين.
أثنى الدكتور مولود عويمر على نبوغ وريادة الشيخ الميلي رغم عدم دراسته للتاريخ واعتماده على شح المصادر العربية، وصعوبة الترجمة من المصادر التاريخية الفرنسية لكتابة تاريخ الجزائر القديم والحديث لعدم اتقانه الفرنسية، حيث استعان الشيخ مبارك بالكاتب المعروف احمد توفيق المدني والباحث الشيخ عبد الرحمان الجيلالي. وتناول الأستاد مولود عويمر بالتحليل كتاب تاريخ الجزائر القديم والحديث، ودوره في نشر الوعي التاريخي وترسيخ الانتماء الوطني، حيث وصفه الشيخ عبد الحميد ابن باديس في رسالة تهنئة وجّهها الى الشيخ الميلي بأنه أول كتاب صور الجزائر في لغة الضاد صورة تامة سوية. وهو ما مكّن حسب شهادة نجله المرحوم محمد الميلي فئات كبيرة من الجزائريين من الاطلاع على الكتاب رغم محدودية معارفهم في ذلك الوقت.
وأضاف الدكتور عويمر أن الشيخ الميلي تأثّر بالمنهج العلمي لابن خلدون المؤرخ العربي الكبير، الذي اعتمد على تاريخ نقي من الخرافات والتدليس، مستشهدا بكتابات الشيخ الميلي التاريخية الوطنية من خلال كتب تاريخ الجزائر في القديم والحديث عام 1928 والجزء الثاني عام 1932، حيث توقف عند تاريخ دولة بني زيان مركزا على وجهة النظر الوطنية ردّا على مؤرخي المدرسة الاستعمارية، وسعيا للتحرر من هيمنة المدرسة التاريخية الفرنسية وتشويه تاريخ الجزائر وتبرير الاحتلال.
يذكر أنّ هذا الملتقى التاريخي حول العلامة مبارك الميلي الذي رعته مديرية الشؤون الدينية والمركز الاسلامي بميلة شهد مداخلات قيمة أخرى تناولت المسار الاصلاحي التربوي للشيخ مبارك الميلي، قدمها ثلة من الأساتدة والباحثين مثل الاستاد الباحث نور الدين بوعروج وعبد العزيز فيلالي وعلي بن الطاهر، وخرج الملتقى بعدة توصيات أهمّها ترسيم الملتقى وإعطائه بعدا دوليا، وتدوين المداخلات وإخراج أعمال الشيخ مبارك الميلي إلى العلن، واقتراح تسمية بعض المؤسسات الوطنية باسمه.