الباحثة في التّراث والآثار فايزة رياش لـ «الشعب»:

التّرويج للحفاظ على التّراث غائب تماما إن لم نقل منعدما

حوار: نور الدين لعراجي

أهدافنا ليست آنية ومسطّرة لتحقيق نتائج على المستوى البعيد

تعتبر الجمعية الوطنية «تراث جزائرنا نت» من الهيئات الحديثة النشأة، جاءت لتنفض الغبار عن حاضر التراث المادي واللاّمادي في الجزائر، باعتبار أنّ رئيسة الجمعية السيدة رياش فايزة، أستاذة بكلية علوم الاعلام والاتصال جامعة الجزائر 3، ومحافظة التراث الثقافي سابقا بمتحف الباردو. وللحديث عن واقع القطاع اقتربت «الشعب» منها، وكان لنا معها هذا الحوار.

❊ الشعب: ما الدّافع والحافز الذي جعلك تفكّرين في تأسيس جمعية وطنية تهتم بالتّراث؟
❊❊ أ - فايزة رياش: خلال العشر سنوات التي قضيتها في متحف الباردو بصفتي محافظ التراث الثقافي، كنت أبادر في كل مرة بتنظيم نشاطات ثقافية تجمع جل المتاحف الوطنية بهدف الترويج لها، ولما تزخر به من تراث ثقافي يساهم في تطوير السياحة والثقافة المتحفية في الجزائر، فقدّمت خلالها عدة ورشات بيداغوجية داخل المتحف وخارجه، إضافة إلى تظاهرة المتحف في الشارع، بأربع طبعات متتالية بالعاصمة خلال سنوات 2013، 2014، 2015 و2016 وأخرى خارج العاصمة مثل نشاطات لأطفال بريان (غرداية). ومن خلال هذه النّشاطات وأخرى لاحظت أنّ الترويج للحفاظ على التراث غائب تماما إن لم نقل منعدما، ولذلك كان من الضروري التفكير في تأسيس جمعية تهدف إلى حماية الموروث الثقافي الجزائري، والعمل تحت إطار رسمي من خلال جمعية وطنية تضم كل من يحب التراث، ومن يمكنه المساهمة في الترويج له على المستوى الوطني ولم لا عالميا. فعرضت الفكرة على الأصدقاء والزّملاء أين لاقت تجاوبا كبيرا لم أكن أنتظره.

❊ متى تأسّست الجمعية وما هي الغاية من تأسيسها؟
❊❊ تأسست الجمعية في 08 فيفري 2017، وفي 26 نوفمبر2017 تحصّلنا رسميا على الاعتماد من طرف مصالح وزارة الداخلية والجماعات المحلية، الجمعية تشتمل على 48 عضوا مؤسسا يمثلون 24 ولاية، ولأنّ التراث لا يخص فئة معيّنة من المجتمع، فقد لاقت الجمعية تجاوبا من مختصين في علم الآثار، مهندسين معماريّين، إعلاميّين من مختلف وسائل الاعلام، فنانين، طلبة...إلا أنه يجمعنا هدف واحد وهو حب التراث الثقافي ووجوب العمل على الحفاظ عليه للأجيال القادمة والترويج له سياحيا، خاصة ونحن في فترة بأمس الحاجة للاستفادة من الثروة الأثرية والسياحية التي تزخر بها البلاد لتكون موردا اقتصاديا يعود بالفائدة على الوطن، فالتراث الشيء الذي يميزه عن باقي القطاعات هو أنه نقطة وصل بين قطاعات وزارية مختلفة الثقافة، السياحة، البيئة، الاقتصاد والتربية، ولن يكتمل العمل فيه إلا بإشراك المجتمع المدني المتمثل خاصة في الجمعيات والسكان المحليين الموجودين بالقرب من المواقع الأثرية والتراثية.
   
❊ الجزائر بها جمعيات عديدة تهتم بالتّراث، ماذا ستضيف جمعيتكم الوطنية «تراث جزايرنا»؟
❊❊ صحيح يوجد العديد من الجمعيات الثّقافية، ولكن الجمعيات التي تنشط في حقل التراث والمتاحف قليلة جدا إن لم نقل منعدمة، والموجود منها ذو صبغة محلية. جمعيتنا ذات طابع وطني ستسعى بكل الطرق الحديثة للترويج للتراث الثقافي والتركيز على الطفل و الشباب، لذلك سيكون من المهم جدا العمل بالتعاون بالدرجة الأولى مع وزارتي التربية والثقافة، وأساسها سيكون في تربية جيل جديد يحب التراث، وهو من سيرفع غدا المشعل ويدافع عن تاريخه وهويته، كما يجب العمل على حماية الممتلكات الثقافية والمواقع الأثرية، الترويج للسياحة الثقافية والمتحفية، تشجيع التواصل الثقافي بين أفراد المجتمع والمؤسسات الثقافية، تشجيع ودعم المبدعين في مجال الثقافة، إبراز الأعمال الثّقافية ونشرها. والأهم رفع الحس لدى أفراد المجتمع لأهمية الحفاظ على التراث الثقافي، وكل هذا سيكون من خلال نشاطات ستصنع التميز والتفرد، وهذا لا يمنع من العمل مع باقي الجمعيات سواء أكانت محلية أو وطنية، بشرط أن لا يخرج عن إطار حماية الموروث الثقافي. وطبعا ثقتي في أعضاء الجمعية كبير على العمل باحترافية من أجل رفع الوعي الثقافي والتراثي لدى المجتمع الجزائري.

❊ بما أن الجمعية وطنية كيف سيكون عملها وبرنامجها؟
❊❊ الجمعية الوطنية ستركّز على كل التراث الجزائري التراث ليس فقط آثار ومتاحف، ولكن كل ما هو تقاليد وعادات وجب إحياؤها، ويجب العمل مع الوزارة الوصية في تثمينها والعمل على تصنيفها وحمايتها، فالكثير من الآثار يجب نفض الغبار عليها وإبرازها على الصعيد الوطني وأيضا الدولي، فالجزائر بلد بحجم قارة حفظها الله ورعاها، وتعاقبت عليها حضارات عديدة تركت آثارا الكثير من الجزائريين يجهلها، لذلك حان الوقت للعمل أكثر من أجل الترويج لها وحمايتها للأجيال القادمة، لأن التراث منذ سنوات عديدة يعاني من الاهمال خاصة في بعض المناطق النائية والبعيدة، طبعا إذا نظرنا لما تزخر به الجزائر من تراث ثقافي وحضاري، وذلك لعدة أسباب لا أريد الدخول فيها، لأن غايتنا هي العمل والمضي قدما لا الالتفات إلى الخلف. هدفنا واضح هو حماية الموروث الثقافي الذي لا يمكن أن تقوم بهذا العمل الوزارة الوصية لوحدها، فلا بد من إشراك الجمعيات التي تعنى بالتراث والآثار عبر كامل التراب الوطني، من أجل رفع الوعي لدى المجتمع الجزائري بأهمية الحفاظ على هذا المخزون الثقافي، ولذلك حضّرنا برنامجا على مدار السنة، سيعرض بعضه على وزارة الثقافة والآخر على وزارة التربية من أجل العمل سويا على تحقيقه، سيكون هناك نشاطات مختلفة وبعيدة عن صالات العرض المغلقة والندوات والمحاضرات المغلقة، سنخرج للمواطن في الشارع، وسنذهب للطفل في المدرسة، ونحن من نتكفّل به في المواقع وفي المتاحف، فأهدافنا ليست آنية وإنما مسطّرة لتحقيق نتائج على المستوى البعيد، سنحاول بكل الوسائل المتاحة خلق نشء جديد يحب تراثه ويعتز بهويّته الجزائرية.

❊ هل تعتقدين أنّ الجمعية قادرة على رفع تحدي الحفاظ على الإرث الثّقافي؟
❊❊ الجمعية الوطنية تراث جزايرنا، ستكون قادرة على رفع التحدي للحفاظ على التراث الثقافي المادي وغير المادي، وشخصيا سبق لي وأن رفعت التحدي في المتاحف واستطعت إخراجها من قوقعتها والترويج لها، فقد استطعت إخراج المتاحف إلى المواطن وهي الفكرة التي أصبحت تقليدا الآن لدى بعض المتاحف الوطنية، فالمواطن الجزائري آخر اهتمامه زيارة متحف أو موقع أثري، لذلك سنعمل على كسر هذا الحاجز بين المواطن والتراث بشتى الوسائل، والآن مع أكثر من 50 منخرطا في الجمعية سننطلق بعزيمة وطاقة أكبر، فالجزائر قدّمت لنا كل شيء، وحان الوقت لنمنح قدراتنا وعلمنا وجهدنا لوطننا والدفاع على آثارنا وتراثنا من أجل المساهمة في الحفاظ على إرث الجزائر، وتكوين أجيال تعتز بهويّتها ووطنها.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024