عُرضت في إطار مهرجان المسرح المحترف

«العطب».. محاكمة من نوع آخر

المسرح الوطني: أسامة إفراح

«العطب».. عنوان المسرحية التي شارك بها مسرح باتنة الجهوي، أول أمس الإثنين، في المهرجان الوطني للمسرح المحترف. هذا العرض مستلهم من نص بنفس العنوان لفريديريك دورينمارت، اقتبسته نوال كعباش وأخرجه فوزي بن براهيم، ويتطرق إلى فكرة العدالة التي يعتقد البعض أن بإمكانهم الإفلات منها، ولكنها قد تكون حاضرة بمختلف الطرائق والأشكال، وهكذا لا يفلت أحد من تبعات أعماله.يمكن اعتبار مسرحية «العطب» من الكوميديا السوداء. يبدأ العرض مع نجيب، رجل أعمال تعرضت سيارته لعطب اضطره للبحث عن فندق يبيت فيه ليلته. يقف نجيب أمام جدار أدى وظيفته ستار المسرح، ويطلب من صاحب البيت الدخول على أنه عابر سبيل.
يجد نجيب نفسه ضيفا لدى موظفين متقاعدين، ذوي طباع غريبة ومضحكة في آن، وتقوم على خدمتهم «الزهرة»، ويقترح المضيفون الثلاثة على نجيب أن يقبل بلعب لعبة معهم، حيث يؤدون دور المحامي والنائب العام والقاضي، ويؤدي هو دور المتهم.. لعبة يبدو أن نجيب لم يكن لاعبها الأول والوحيد، كما أن أحكامها وعقوباتها حقيقية وتطبق على أرض الواقع، وهكذا فإن هذه المحاكمة، وإن كانت غير رسمية، فهي أيضا ليست صورية.
يقبل نجيب التحدي، ويسرد قصته وخفايا تمكنه من السيطرة على مجمع للصناعات الصيدلانية، ويصرّ في كل مرحلة من القصة على أنه حقق نجاحاته بمجهوده الخاص وعرق جبينه، ولكن مع مرور الوقت والتقدم في العرض يتضح عكس ذلك تماما. ويمكن أن نفهم من عموم المسرحية أن الإفلات من العقوبة أمر نسبي، وإن لم تطرأ العقوبة على أخطائنا في حينها فقد يحصل ذلك بأكثر من طريقة. كما أننا قد نقع في أخطاء/أعطاب دون أن ندري أو نقصد ذلك، ولعل أشدّ المحاكمة وقعا هي تلك التي يقوم بها المرء مع نفسه.
تتخلل العرض الكثير من اللحظات الكوميدية الساخرة، وأحيانا المستلهمة من حركات المهرجين أو فناني الإيماء، ويقابل ذلك جدّية الموضوع وسوداوية الفكرة، التي تغوص بنا في عمق النفس البشرية بما يشوبها من جشع وطمع.
لم يلجأ المخرج الشاب فوزي بن براهيم، وهو في نفس الوقت صاحب السينوغرافيا، إلى تغيير الديكور مع اختلاف المشاهد، فمعظم أحداث المسرحية تدور في بهو البيت/الفندق، ولكنه عمد إلى توظيف الإنارة للدلالة على تغير الأماكن، المواقف وحتى الحالة النفسية للشخصيات. وكما هي عادته، حرص المخرج على توظيف العمق الركحي، بل إن جزءً كبيرا من المسرحية تدور أحداثه في آخر الخشبة.
أما أداء الممثلين فقد كان متناسقا إلى حد بعيد، وقد لاحظنا رشاقة وسلاسة في أداء بطل المسرحية، كما يجدر بنا توجيه تحية خاصة للممثلة نوال مسعودي، التي قامت بلعب دورها بشجاعة رغم فقدان والدتها مؤخرا. وقد أدى الأدوار كل من محمد الطاهر زاوي، نوال مسعودي، عز الدين بن عمر، ماجد كويتان، عصام خنوش، كما نجد فؤاد لبوخ مساعدا للمخرج، فيما أعدّ الموسيقى عبد القادر صوفي.
وتعدّ هذه المسرحية الثانية، في مسار المنافسة الرسمية لمهرجان المسرح المحترف 2017، التي يخرجها فوزي بن براهيم، بعد مسرحية «انتحار الرفيقة الميتة» لمسرح العلمة الجهوي، التي كانت ثاني مسرحية تُعرض في برنامج التظاهرة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19634

العدد 19634

الأربعاء 27 نوفمبر 2024
العدد 19633

العدد 19633

الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
العدد 19632

العدد 19632

الإثنين 25 نوفمبر 2024
العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024