ارتبطت ظاهرة السّرقات الأدبية والفنية التي يشهدها القطاع الثقافي على العموم بالجزائر التي تطوّرت أشكالها وفنونها بالتطور التكنولوجي عن طريق استغلال شبكة الأنترنيت والفضاء الرقمي لممارسة هذه الحرفة اللاّمشروعة قانونا، فكان ضحاياها فنّانون ومبدعون في شتى الاختصاصات، حيث أرجع البعض السبب الرئيس إلى نقص الوعي بأهمية الدور الذي يؤديه الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة كهيئة رسمية تسعى لحماية إبداعات الفنانين والمؤلفين في مجالات الأدب، المسرح، السينما وغيرها من الفنون الإبداعية الأخرى.
على الرغم من حساسية الموضوع وأهميته القانونية في مجال حفظ الحقوق من حيث الإنتاج والاستغلال الذي يعيد بالفائدة المادية على صاحبه، إلا أن عملية الانتساب إلى الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة «أوندا» وتسجيل الإبداعات الأصلية لحمايتها من القرصنة الأدبية لا تزال بعيدة عن اهتمامات الكثير من الفنانين على مستوى ولاية بومرداس، خاصة لدى الشباب منهم الذين يقدّمون أعمالا رائعة في مجالات المسرح، الشعر، القصة ومختلف الاتجاهات الأخرى، وهذا انطلاقا من استطلاع قامت به «الشعب» في موضوع سابق عن هذه القضية، حيث كشفت التصريحات المقدّمة من طرف النّاشطين في الميدان جهلهم التام بالموضوع، وحتى من عرف لا يكلّف نفسه عناء الإنتساب والحصول على بطاقة العضوية لأسباب كثيرة، منها غياب ملحقة للديوان ببومرداس ونقص المعلومات والأيام الإعلامية على مهام الديوان وأهدافه في مجال حفظ الحقوق.
هذا المدخل قادنا أيضا إلى اكتشاف بأن هناك نقص في المعطيات المتعلقة بالقرصنة الالكترونية أو الاحتيال عبر شبكة الأنترنت بسبب هذه الوضعية التي تتّسم بالكثير من الفوضى والضبابية، وعدم القدرة على تتبّع مسار السّرقات الأدبية التي قد تأخذها متاهات هذه الشبكة العنكبوتية المعقدة، كما حاولنا نقل الانشغال إلى محامي مختص أو على الأقل يكون قد عالج قضية على شاكلة السرقة الأدبية، فكانت الإجابة «أن الموضوع لم يعالج ولم تطرح قضية على مستوى المحاكم بهذا الشكل على الأقل بولاية بومرداس». وهنا تشير المحامية لدى مجلس قضاء الولاية ايت احمد فازية متحدّثة لـ «الشعب»، «أنّ الإشكالية مرتبطة بضرورة تحيين وتفعيل آليات حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في الميدان بما يتيح لأصحاب النصوص الأصلية المنشورة على شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ومختلف المدونات الثقافية والفنية المتخصصة من متابعة أعمالهم الإبداعية المنشورة وحفظها من القرصنة الالكترونية».
في سؤال عن مكانة جرائم السرقات الأدبية والفكرية الورقية التقليدية أو الرقمية على شبكة الانترنت بين الأنواع الأخرى من الجرائم المتعلقة بالتهديد، والابتزاز المالي أو الأخلاقي التي يشهده الفضاء الرقمي، أكدت المحامية، «أنّ أغلب القضايا المعالجة حاليا أو المطروحة من طرف بعض الضّحايا مرتبطة بحالات اجتماعية كالابتزاز بنشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي لأغراض مادية أو في محاولة لتشويه صورة الشخص، وأخرى مرتبطة بقضايا الانتماء إلى شبكات إرهابية دولية سواء بالإشادة أو التعاطف، في حين تبقى قضايا القرصنة الالكترونية غير مطروحة على الرغم من الشكاوي التي عبّر عنها بعض الأشخاص صراحة بلجوء أطراف إلى عملية النسخ غير المشروع، وبدون إذن للنصوص الأدبية والفنية وحتى الفكرية أو ما يعرف بالسرقات العلمية التي تشهدها الجامعات الجزائرية، وبالتالي يبقى الموضوع بحاجة إلى دراسات جدية ومواكبة قانونية مستمرة للتكيف مع ظاهرة القرصنة الالكترونية وأشكالها المختلفة والمتطورة باستمرار».