سجل الملتقى الدولي الأول للفنون التشكيلية الذي نظم بدار الثقافة أحمد حمزة بمدينة العوينة التونسية حضورا متميزا للفنانين التشكيليين الجزائريين المشاركين في التظاهرة التي نظمت خلال شهر أكتوبر الفارط والتي عرفت مشاركة 44 فنانا و44 لوحة من دول الجزائر، إيطاليا، لبنان، العراق، بالإضافة إلى العديد من الفنانين التشكيلين التونسيين، وعادت الجائزة الأولى فيه للفنان التشكيلي العايش كابرين عن لوحته «ما تبقى»، فيما كانت المرتبة الثانية من نصيب الفنانة التشكيلية ريمة عوام من لبنان والمرتبة الثالثة للفنان التشكيلي مراد شوية من تونس.
وتحاكي اللوحة الفائزة بالمرتبة الأولى والمعنونة بـ»ما تبقى» ما تبقى من آثار للمدن القديمة في ارتباطها الوثيق بالذاكرة، «ما تبقى» هي لوحة زيتية من القماش تتشكل فيها واجهة ما تبقى من المدن القديمة، من بعض أطلالها وأزقتها التي لازالت تروي للأجيال الحاضرة حقيقة حضارات بشرية مرت من هنا وظلت آثارها عالقة بالأذهان، ويسرد الفنان العايش كابرين في هذا الصدد تصورا خاصا لبعض ما تبقى من هذه الأطلال والمعالم في ارتباطها المادي بالذاكرة الجماعية والتراث اللامادي لدى الناس.
وتقدم اللوحة من خلال ألوانها والتقنيات الفنية المستخدمة فيها حسب صاحبها وصفا واضحا لواجهات المدن القديمة بأزقتها الضيقة وطرازها المعماري القديم الذي يعتمد أساسا على مواد بناء تقليدية ومحلية، بالإضافة إلى ارتباطها جميعا بالأرض وخدمتها، حيث كانت أغلبها محاطة بغابات الأشجار المثمرة في دلالة واضحة على الأهمية التي كان يوليها سكان هذه المدن للفلاحة آنذاك والتي كانت تشكل ركيزة أساسية لتواجدهم وبقائهم وكذلك مصدر دخل قار بالنسبة لهم.
الفنان التشكيلي كابرين والفائز بالجائزة الأولى عن هذه اللوحة أكد في حديث لـ»الشعب أن الرسالة المبطنة وراء ريشته هي دعوة للمحافظة على هذه المعالم القديمة التي تعد جزءا من الحفاظ على الهوية، وبالنسبة لنفس المتحدث يعد التمسك بالطراز المعماري التاريخي الذي وجدت عليه هذه المدن جزءا من التشبث بالتاريخ والهوية وبتنوعهما وتوحدهما معا في شكل جمالي واضح، وفي هذا السياق يضيف كابرين أن «الجزائر قارة بتنوع رموزها ومدلولاتها وشواهدها ومعالمها وفي الحفاظ على توحدها جميعا أيضا يمكننا الإبقاء على هويتها الجزائرية المحضة».