تحتضن دار أوبرا الجزائر بوعلام بسايح، سهرة غد الجمعة، حفل تكريم للفنان التونسي الراحل قدور الصرارفي، يشرف عليه وزير الثقافة. ويتضمن الحفل معرضا لصور وأغراض الفنان، الذي غادرنا قبل 40 عاما، وفيلما وثائقيا قصيرا عن سيرته، وحفلا فنيا بمشاركة نخبة من فنانين تونسيين وجزائريين. ويأتي هذا التكريم اعترافا بمساهمة قدور الصرارفي في إثراء المشهد الثقافي العربي، والجزائري خاصة أثناء الثورة التحريرية المجيدة وبعد الاستقلال.
يعدّ قدور الصرارفي (1913 - 1977) من كبار الفنانين الذين أثروا المكتبة الموسيقية التونسية والعربية بعطاءاته الفنية على مدى ما يزيد عن أربعة عقود. نشأ الفنان عبد القادر الصرارفي، الذي شُهر باسمه قدّور الصرارفي، في بيئة فنيّة، فشقيقه الأكبر محمّد الصّرارفي كان قائدا للفرقة الإسلاميّة للموسيقى النحاسيّة. ولكن الآلات النفخيّة لم تجد هوى في نفس «قدّور» بل تأثر بشقيقه الأوسط الطاهر الصرارفي الذي عزف على الوتريات من عود وكمان ومندولين وبيانو. وهكذا بدأ قدّور حياته الفنية عازفا هاويا على البيانو، قبل أن ينتقل إلى الكمنجة أسوة بأخيه. وقد تتلمذ الصرارفي على يد أساتذة كبار مثل: رفائيلو سترينو قائد أركسترا الكازينو بتونس، وتابع دروس الهرمنة والتوزيع الموسيقي بمعهد نهج زرقون على أيدي الفرنسي قافا والمجري هايدو، وقبل ذلك كان قد درس النظريات الموسيقية على الفنان السّوري علي الدرويش الحلبي عندما حلّ بتونس سنة 1930 وألقى دروسا في الموسيقى بنادي الخلدونية ثم بالرشيدية سنة 1938.
في شبابه، لم يكتف قدّور الصرارفي بالموسيقى، بل اهتمّ أيضا بالتصوير السينمائي، وأنتج بعض الأفلام القصيرة، إلى جانب ولعه بالرياضة، التي كان أكبر إنجازاته فيها فوزه ببطولة تونس في الجمباز سنة 1933.
عمل الفنان مع عدّة فرق موسيقية تونسية منها: فرقة الهادي الجويني، الرشيدية، ومع صاحب فرقة شافية رشدي، وفتحية خيري، وعلي الرياحي، وفي عام 1942 انضم إلى فرقة شباب الفن، ثم، بعد ذلك، أسس فرقة الخضراء عام 1949 التي أشرف على قيادتها. وقد أنتج ما يقارب 250 لحناً بين الأغاني، الموسيقى التصويرية، والأوبيرات، ومن أشهر معزوفاته مقطوعة «فرحة»، ومن الأغاني التي لَحَّنها «ساق نجعك ساق» للمطربة صليحة و«لا نمثلك بالشمس ولا بالقمرة» من أداء الراحل مصطفى الشرفي، و«قولولها يا ناس» للفنانة عائشة، و«قلبي اللي هجرتو» للفنانة الراحلة علية. وقد تعامل الصرارفي مع عدّة فنانين من تونس والجزائر وليبيا، إلى جانب تدريسه للموسيقى بالبلدان الثلاث الأخيرة.
أقام قدور الصرارفي لفترة بالجزائر، وفيها تزوج، وأنتج أيضا بعض أعماله المهمة، على غرار ألحانه التصويرية للفيلم القصير «الحبيب» الذي ألفه الهادي العبيدي وشاركت في أداء ألحانه المطربة شهرزاد، وذلك لفائدة شركة أفريكا للإنتاج السينمائي سنة 1948. كما دوّن في هذه الفترة الموسيقى التي وضعها علي الرياحي لفيلم «أنشودة مريم» من أداء محمد الجمّوسي وإنتاج شركة أستوديو إفريقيا.
وتعدّ أمينة الصرارفي (1958) ابنة المرحوم قدور الصرارفي امتدادا لوالدها فنيا، فهي عازفة كمان معروفة في المحافل الدولية.