من الجميل تناول النصوص الكلاسيكية و الشهيرة من منظور آخر غير الكتابة و الأدب و التوسع في دراسة محتواها و تطرقها إلى كل ما يخص الذات و الروح و إلى الجوانب السياسية و الاجتماعية و النفسية للإنسان.و كم جميل أن يسافر المرء قليلا مع حكايات ألف ليلة و ليلة ، ليكتشف ما خفي في النص الذي يبقى للأسف مهمشا كثيرا في البلدان العربية الإسلامية بحكم دواع سياسية و دينية وذهنيات متحجرة.
أجمع المشاركون في اللقاء الأدبي الذي احتضنته أول أمس مكتبة شايب دزاير التابعة للوكالة الوطنية للنشر والإشهار، والذي نشطه علي صخري على أن كتاب ألف ليلة وليلة، حمل بين حكايته تعاليم و حكم وعبر كثيرة تداولت عدة حقب تاريخية ومحطات سياسية، كونه كان كتابا موجها لتعليم الأمراء والملوك وإثراء ثقافتهم وفطنتهم وحس التخمين لديهم.
« ألف ليلة و ليلة «النص الذي ولد في الشرق وعرف بريقه في العصر العباسي بعد ان ترجم من الفارسية إلى العربية طمس في ما بعد عند المسلمين و العرب، ليعود للواجهة من جديد ، بعد ترجمته إلى الفرنسية في عصر لويس الرابع عشر لكن بتصرف شديد، حيت أضاف إليه عدة قصص كقصة سندباب البحر وعلي بابا و الأربعون حرامي و غيرها، و هذب من كل ما له علاقة بالرومانسية والعشق و الغرام .وبعدها أعادت دار نشر مصرية الترجمة في الاتجاه المعاكس، مشددة في الطبعة الجديدة على الجانب الرومانسي أكثر.
لكن قليل ما يتطرق العالم العربي اليوم إلى القراءات و المعاني الأخرى التي يحملها الكتاب، فهم يحمل من خلال شخصية شهرزاد قضية نضال المرأة الشرقية من أجل تصويب الأمور وقهر الظلم و هي التي طالما صورت للعالم كمخلوق ضعيف لا يرى فيه سوى مفاتن تستغل.
وإذا نظر للنص من الجانب النفسي فقد حمل كما أبرزه النقاش الذي دار بين مختصين في علم النفس و مؤرخين و أدباء العديد من الأزمات النفسية وحلولها و التي مازالت تعيشها اليوم المجتمعات العربية الإسلامية، دون أن يهتم القائمون عليها و على ثقافتها بالرجوع إلى تلك النصوص القديمة التي قد تصالح الفرد مع ذاته إذا ما تواصل مع ماضيه و فهم أصوله و معاني ثقافته.