نبدؤها بقولنا إن أمة لا تريد القراءة مصيرها الزوال ... فعلا قول يؤكد مصداقيته على أرض الواقع.
إن بلادنا اليوم ليست كأمس هذا وإن قلنا اليوم إن الكتاب صار موفورا، ولكن الإقبال عليه صار مجحفا يؤول إلى الزوال.
فما هي أسباب تراجع المقروئية في أوساط المثقفين؟ و ما المرجعيات البديلة عن القراءة؟ وهل الفضاء الأزرق صار ملاذا للعقول؟ وهل هذا الأخير سلاح يفتك شغف الاطلاع على الكتاب؟
ألم تستهو القارئ الكتب بإصداراتها في ظل العولمة؟
أسئلة كثيرة تطرح نفسها ولكن بإمكاننا القول: إن لذة القراءة لا يعادلها إحساس باعتبار الكتاب ينمي القدرات الفكرية والحسية لدى القارئ، ولكننا نلحظ غياب القارئ في أوساط المثقفين بالدرجة الأولى «بالكتاب» كمصدر، وإنما بات اهتمامه «بالفضاء الأزرق» باعتباره الوسيلة المثلى لتصفح الكتب المحملة، عملية القراءة إذا تحولت رمزيتها من النص الورقي إلى النص الإلكتروني (النص البصري) كبديل حتى صار الكتاب يعاني في رفوف المكتبات ليس هناك من ينفض عليه غبار سنوات الطبع وكأن القراءة صارت فعلا آليا روتينيا يبحث عن التجديد وفق متطلبات العصر الراهن.
صار القارئ يبحث في الكتب المحملة والمقالات الإلكترونية الجاهزة التي يكتفي بما فيها وإن عجز يذهب إلى أمهات الكتب فقط.
إن القارئ اليوم يعاني في ظل العصرية كون هذه الأخيرة قتلت فيه شغف الاطلاع على الكتاب مباشرة وحركت فيه الميل الكلي لوسائل أكثر عصرية من الكتاب.
إن القارئ اليوم عموما أصبح يحتكم إلى قراءة الجريدة اليومية أكثر ليبحث بين جنباتها عن أخبار السياسة والعالم (أي الواقع) ليشفي غليله أو يصب غضبه.
شتان بين عالم القراءة أمس واليوم وبين قارئ البارحة والقارئ اليوم صار يستحي أن يمسك كتابا، وإن تكلم وجدته مثقفا من طراز العوام بقوله (اللي قرا، قرا بكري)
إلى أي هاوية نحن نتجه؟
*جامعة بسكرة معهد اللغة العربية وآدابها