يعاني الطفل في الجزائر من انعدام مساحات اللعب وإن وجدت فهي فوضوية ولا تتوفر على أدنى الإمكانيات لتمكين الطفل من حقه في التسلية والثقافة، وهو الأمر الذي نصت علية الاتفاقية العالمية لحماية الطفل المؤرخة في نوفمبر ١٩٨٩ والتي دخلت حيز النفاذ في سبتمبر ١٩٩٠.
نصت المادة ٣١ من الاتفاقية العالمية لحماية الطفل على ''تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في الراحة ووقت الفراغ، ومزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة له والمشاركة بحرية في الحياة الثقافية وفي الفنون، وتحترم الدول الأطراف وتعزز حق الطفل في المشاركة الكاملة في الحياة الثقافية والفنية وتشجّع على توفير فرص ملائمة ومتساوية للنشاط الثقافي والفني والاستجمامي وأنشطة وقت الفراغ''.
إن ما تتضمنه المادة صريح جدا من خلال العمل على تمكين البراءة من حقها في الراحة ووقت الفراغ ومزاولة الألعاب، غير أن هذا الحق في الجزائر وخاصة في المدن الكبيرة ذهب أدراج الرياح فمساحات اللعب في الأحياء الشعبية تحوّلت إلى أماكن لتوقف السيارات والمركبات وأصبح أطفال الحراش وباب الوادي وشارع العربي بن مهيدي يلجأون للطرق العامة والأرصفة للتنفيس عن مشاكلهم والاستفادة من أوقات للراحة.
وفي ظل غياب مساحات اللعب فالمساحات الخضراء تناقصت بشكل ملحوظ في ظل زحف الاسمنت المسلح وفوضى البناء التي لا تخصص فضاءات للتخلص من ضغوط الدراسة والمشاكل الاجتماعية وضيق المساكن وهموم الكبار وحالة الاختناق التي تعرفها المدن.
وتبقى الحقوق الثقافية من أهم الرهانات التي يجب الاعتناء بها، خاصة لما لهذا الجانب من دور في بناء شخصية جيل المستقبل، وقامت السلطات في هذا الجانب بالعديد من الخطوات المهمة أهمها تجربة المكتبات المتنقلة التي قرّبت الكتاب من الطفولة في السنوات القليلة الماضية، وقد لعب أمين الزاوي الذي كان مدير المكتبة الوطنية دورا كبيرا في ترسيخ ثقافة المطالعة، ووصل خير جليس إلى أقصى مناطق الوطن وحتى القرى النائية والمعزولة والتي عاشت ويلات الإرهاب قد استفادت من ذلك في صورة جميلة جدا.
وتبقى بعض التجارب التي خاضتها الجماعات المحلية في تنشيط الحياة الثقافية مشجعة من خلال بنائها لمكتبات بلدية ومساحات للمطالعة ـ على غرار بلدية الكاليتوس ـ للأسف الشديد لا تلقى الرواج اللازم بالنظر لانتشار النشاطات الهدامة على غرار مقاهي الأنترنت التي أصبحت خطرا محدقا بمستقبل الطفولة بالنظر لإقبالهم على مواقع ممنوعة ولعب العنف التي تأخذ أوقات كبيرة منهم وتستهلك أموالا ولا تأتي بالمنفعة.
وبرزت في السنوات الأخيرة ثقافة ''المهرج'' حيث بات هذا العنصر علامة مميزة في مختلف أحياء العاصمة والمدن الكبيرة والتي تصنع الفرجة لهذه الفئة من المجتمع التي تحتاج إلى كثير من العناية.
ونحن نحتفل باليوم العالمي للطفولة يبقى التقييم وتسطير برامج مستقبلة أحسن وسيلة لتحصين أجيال المستقبل من الآفات وتعويدها على السلوك السوي .