بخصــــوص تعديــلات مشــروع قانـون الماليــة.. خــــــبراء اقتصاديـــــــــون لــــــــــ“الشعـــــــــب”:

إخطار المحكمـة الدستوريـــة هدفـــه الحفـــــــاظ علــــى التوازنـــــات الماليـــــــة

آسيا قبلي

 

أكد خبراء في الاقتصاد والمالية والقانون لـ “الشعب”، أن قيام رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل والوزير الأول نذير العرباوي، بإخطار المحكمة الدستورية بشأن تعديل مواد من مشروع قانون المالية 2025، مرده الطابع الاستعجالي للأمر، خاصة وأنه يتزامن مع تعديل حكومي منتظر، كما أن الممارسة تدخل في صميم الممارسة الديمقراطية وتجسيد دولة الحق والقانون على أرض الواقع.

قال الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي البروفيسور مراد كواشي، في اتصال مع “الشعب”، إن إخطار مجلس الأمة المحكمة الدستورية بشأن تعديلات على مواد في مشروع قانون المالية، هو أمر قانوني ودستوري، حيث تنص المادة 147 من الدستور، على أنه لا يقبل أي اقتراح لقانون أو تعديل قانون يقدمه أعضاء البرلمان يكون مضمونه أو نتيجته تقليص الموارد العمومية، إلا إذا كان مرفقا بتدابير تستهدف زيادة إيرادات الدولة أو توفير مبالغ مالية في فصل آخر من النفقات العمومية، تعادل على الأقل المبالغ المقترح إنفاقها؛ بمعنى أنه وفق هذه المادة فإنه يجب على نواب البرلمان عندما يقومون بتعديل بعض المواد في مشروع قانون المالية التي تؤدي إلى تقليص في الموارد العمومية، يجب أن يقوموا بتقديم البديل لكي يضمنوا زيادة إيرادات الدولة أو توفير نفقات أخرى في جهة أخرى أو موضع آخر من هذا المشروع.
وخلال مناقشة مشروع قانون المالية، يضيف البروفيسور كواشي، تحفّظ أعضاء مجلس الأمة على أربعة تعديلات قدمها نواب المجلس الشعبي الوطني، لا تتوافق مع المادة 147 المذكورة أعلاه، واعتبروا أن التعديلات تؤدي إلى تخفيض في الموارد العمومية للدولة، ولم يرافقوا هذه التعديلات بتدابير من أجل زيادة الإيرادات.
ومس التعديل المادة 23 مكرر المتعلقة بنسبة الضريبة المفروضة على سائقي سيارات الأجرة، التي تم تخفيضها من 12٪ إلى 5 ٪، والمادة 29 فيما يتعلق برفض رفع مبلغ الضريبة الجزائية الوحيدة إلى 30 ألف دينار كما اقترحته الحكومة، والإبقاء على المبلغ الحالي المحدد بـ10 آلاف دينار سنويا يقسم على أربعة أقساط، إلى جانب المادة 33 التي تنص على خفض الغرامة المالية على الموثقين وكتاب الضبط والمحضرين القضائيين من مئة ألف دينار إلى خمسة آلاف دينار، وتشير إلى أنه لا يمكن الموثقين قبول وثيقة أو نسخة غير مدموغة أو غير مسلحة قانونا وإلا تعرضوا للعقوبة.
أما المادة الأخيرة التي مسها التعديل، هي المادة 55 وتتضمن تخفيض الغرامة المفروضة على قسيمة السيارات المطبقة على السيارات النفعية والسياحية، ويترتب عن تعديل هذه المواد الأربع خفض الموارد العمومية، ولم يقدم نواب الغرفة السفلى بدائل لتعويض هذا الخفض وكيفية استرداد هذه الأموال أو تخفيض الميزانية في باب آخر بما يحافظ على التوازن القائم.
طابــــــــــــــع استعجــــالــــــــي
في سياق آخر، ذكر الخبير الاقتصادي مراد كواشي، أنه في السنتين الماضيتين، وعند حدوث أمر مشابه، كان يتم تفعيل اللجنة متساوية الأعضاء، لكن هذه السنة الأمر له علاقة بالطابع الاستعجالي لهذا القانون، والذي أعقبه تعديل حكومي مباشرة بعد المصادقة على مشروع القانون لسنة 2025.
وهو الأمر نفسه الذي ذهب إليه الخبير القانوني الدكتور موسى بودهان، حيث أوضح في اتصال مع “الشعب”، أن عدم لجوء الغرفة العليا للبرلمان إلى اللجنة متساوية الأعضاء مرده ضيق الوقت، حيث أن تنصيبها يتطلب مدة زمنية، وأكد أن الإجراءين دستوريان، ويحق لمجلس الأمة اللجوء إلى أي منهما.
وقال: “مما لا شك فيه أن هذا الإجراء الذي اتخذه رئيس مجلس الأمة، وقيامه بإخطار المحكمة الدستورية بشأن المواد الأربع المتحفظ عليها من مشروع قانون المالية لسنة 2025، يعني الكثير من المسائل، أبرزها تجسيد مبادئ وأسس دولة الحق والقانون على أرض واقعنا العملي، مهما كانت الظروف، وذلك من خلال: تمسك هيئات وسلطات الدولة بدستور وقوانين الجمهورية، وتفعيل ضوابط وآليات الممارسة الحقة للديمقراطية السليمة بين مؤسسات الدولة، والتطبيق الجديد والسليم لمتطلبات مبدإ الفصل بين السلطات في نظامنا السياسي على النحو الذي تضمّنه دستورنا الجديد، دستور نوفمبر 2020”.
من جهته أوضح الخبير في المالية إيدير ساسي لـ«الشعب”، أنه كان من المرتقب أن يكون جدال في بعض القوانين لمشروع قانون المالية 2025، لأسباب عملية لا تتطابق مع نظرة رئيس الجمهورية، في عدم إثقال القدرة الشرائية للمواطن، وعليه نادى بعض النواب بوقف الضرائب الجديدة، وبالنسبة لمواد استهلاكية لعموم المواطنين، وطلب إسقاط هذه التعديلات وتسببها في ارتفاع الأسعار وإثقال كاهل المستهلك.
وسبب لجوء رئيس مجلس الأمة والوزير الأول إلى المحكمة الدستورية ـ بحسبه ـ أن طلب النائب بتقليص موارد الدولة يجب أن يرافقه اقتراح البديل، بالنسبة للمادة المعنية، حيث يتعين تقديم البديل للحفاظ على الميزانية، وهذا ما لم يحدث؛ أمر يتطلب مبادرات أكبر من نواب الغرفة السفلى في مشروع القانون حتى يكونوا على اطلاع بمضمون القانون ومطابقته مع القوانين السارية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024