الشاعـــــر محمــــــد عبـــــد العزيــــــز شميــــــس لـــــ «الشعــــب”:

مدرســــــــــة النهضــــــــــة الأدبيــــــــــة الحديثــــــــــة فضــــــــــاء لاسترجـــــــاع العهــــــد الذهبــــــي للغـــــة العربيــــــة

 

 نظمت لحد الساعة وبالرغم من حداثة نشأتها العديد من الملتقيات الشعرية والأدبية في عدة دول عربية، معتمدة في ذلك على مجهودات أعضائها ومؤسسيها ومواردهم المالية الخاصة، إنها مدرسة النهضة الأدبية الحديثة الذي يكشف لنا رئيسها، مؤسسها الشاعر والناقد المصري محمد عبد العزيز شميس أهدافها المبنية على كسر الحدود والتواصل المستمر بين أبناء العالم العربي للحفاظ على الهوية واللغة العربية وحمايتها من الانحطاط ..


 “الشعب”: مدرسة النهضة الحديثة فضاء للإبداع والشعر و الشعراء و الكتاب لا يعرف الحدود و لا التأشيرات، كيف جاءت فكرة تأسيسها وكيف تم ذلك؟
الشاعر محمد عبد العزيز شميس: بداية قبل فكرة التأسيس يجب أن نلقي الضوء على الأسباب التي دعت إلى ذلك، وهي ظهور ملامح الأزمة اللغوية باعتبارها عنوانا للهوية ووعاء للفكر والثقافة وتعدد المواقف إزاء اللغات المحلية والعرقية (اللهجة العامية) السائدة مثل النوبية والكردية في المشرق العربى والامازيغية ذات اللهجات المتعددة في المغرب العربى والحسانيه وغيرها من اللغات المحلية، مما جعل اللغة العربية عرضة للاهتزاز، كما أدى الى انعكاس تدهور التعليم بالمجتمعات العربية على اللغة من حيث الضعف وقلة الجودة ومحدودية الأثر إلى جانب انحصار دور وزارات الثقافة عن دورها المنوط فانقطعت الصلة بين الإنسان والمجتمع والجذور ومن هنا جاءت فكرة التجديد لتأسيس مدرسة أدبية في مصر على يد الشاعر محمد عبد العزيز والشاعر عبد الهادى الشعراوى والشاعرعونى هشام والشاعر هشام الدشناوى والشاعر مصطفى تيسير والشاعر أيمن إسماعيل.
  ما هو الشيء الذي يميزها عن باقي المؤسسات الثقافية الأخرى؟
 تماثل المدرسة المدارس الأدبية السابقة من حيث الهدف والأسلوب وقمت بوضع أهداف هذه المدرسة، وفق معايير أدبية وعلمية ومجتمعية، توافق المجتمع الحالي وتتصالح مع أفق المثقف العربي حاضرا ومستقبلا من حيث الكم والكيف، مستخدما التطور التكنولوجي ووضع أفاق جديدة ترضى الفلسفة الإبداعية لدى الشاعر والكاتب والمتلقي وخرجت مدرسة النهضة الأدبية إلى الحياة الثقافية في 3/10/2015 بمدينة المحلة، ثم تم استخدام وسائل “السوشيال ميديا” لعرض هذه الأهداف والتي لاقت قبولا لدى الكثير من الشعراء و المثقفين والإعلاميين والأدباء العرب الذين تمت دعوتهم على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب من السعودية والأردن والعراق وفلسطين وسوريا ولبنان، أنذاك  عقدنا سلسلة من الاجتماعات أفرزت تدشين مدرسة النهضة الأدبية العربية الحديثة في 1/2/2016 من القاهرة لتتخذ طريقا جديدا وتتحمل مسؤليات عريضة حيث اعتبرت الشعر العمودي والتفعيلة والحر جسد الحمامة وجناحيها الشعر المحكى بلهجاته المختلفة والقصيدة النبطية وتم الاتفاق على وضع رؤية المدرسة ككيان عربي لتؤكد عروبتها مبتعدة عن الصراع في الجذور، أو قضايا التأثير والتأثر، ومحترمة التنوع بين المدارس الأدبية، واختلاف أنماط وأساليب الشعراء والكتاب، لكن شريطة الكتابة في إطار يبتعد عن الشطط في تجاوز الحداثة أو التخلي عن الموروث،  سواء من حيث الشكل أو المضمون.
إذًا عمل وأهداف المدرسة يصبان في إطار استعادة الهوية العربية؟
 نادت مدرسة النهضة الأدبية الحديثة لمناهضة تلك العولمة الفكرية الأدبية التي باتت تهدم أركان العروبة، في ثقافتها، وفكرها، وأدبها، ولن يتم استعادة الهوية العربية، إلا بالانطلاق من الحداثة، لكن بفهم وتقدير كامل لذلك الكنز الذي تركه الأجداد، ليكون مدادا نستعين به حين النهوض، بآدابنا وفكرنا وثقافتنا، وهكذا تفعل كل أمة متقدمة، تعتز بقوميتها، وتحافظ على هويتها، وتحترم فكرها وشعبها، وتنشد لنفسها مكانة بين صفوف الأمم المتقدمة، في ظل الصراع الحضاري والحروب الثقافية الفكرية، التي تعمد، لضربهم وإضعافهم من خلال التشكيك في الموروث، وهدم الجذور والتاريخ.
 من ثم لاحظت المدرسة فساد الرأي والذوق العام، والتخبط والعشوائية الأدبية، فجاءت أهدافها ترنو لتشكيل صورة عامة، وإطار مثالي لأدبنا العربي المعاصر، تطمح إلى تحقيقه، انطلاقا من وعيها الكامل، بقيمة الأدب في رقي الشعوب، وصنع ثقافتها، ورسم أطرها الأخلاقية، والحضارية، وربما السياسية أيضا... لذا وجب احترام الكلمة، والصورة، والالتزام، بقواعد اللغة، والحفاظ على موسيقى الشعر، وحسن استخدام اللغة العربية، من حيث اختيار المفردات السهلة، والألفاظ الراقية، والمعاني السامية التي تعكس بيئتنا العربية في أبهى صورها.. واعتبرنا الأمة العربية كيان واحد لا تفصله حدود سياسية أو حدود بيئية وتبنينا “شعار أدب بلا حدود”.
ماذا حققت المدرسة لحد الساعة؟
أقمنا أول مهرجان شعري بعيدا عن المؤسسات الثقافية التابعة للدولة في مصر بالقاهرة والإسماعيلية في فبراير 2016، ثم تلاه مهرجان الشعر العربي الثاني في أبريل 2016 بدولة لبنان والذي طفنا فيه بأربع محافظات لبنانية بالبقاع وصيدا وبيروت والجنوب، ثم مهرجان الشعر العربي الثالث في نوفمبر2016 بالمملكة الأردنية الهاشمية والذي طفنا فيه بين عمان والزرقاء وجرش واربد وشاركنا في المهرجان الأول للإبداع والفنون بمصر في مدينة الإسكندرية، في جانفي 2017، كما شاركنا في مؤتمر اللغة العربية بالعراق في فيفري2017.
جاءت المدرسة الشعرية لتنادي للحفاظ على تراث من سبقوا والعناية بالمضمون من خلال الرؤية والمعايشة والانفعال الصادق في التعبير والتحرير من خلال فلسفة إبداعية سواء كان شاعرا أو كاتبا روائيا بلا قوانين أو ثوابت في تنسيق الخواطر لتعبر أكثر حيوية وقوة وتأثيرا في رمزية البناء ووضع القصيد في (عولمة جديدة) بالانتشار والتحول من المحلية إلى العالمية”، هذا ما نقرأه في تعريف أهدافها، إلى أي مدى تحققت هذه الأهداف منذ تاريخ التأسيس ليومنا هذا و ما الذي ساعد في ذلك ؟

أولا لابد من إلقاء الضوء على أهداف المدرسة الأدبية، ثم نتطرق للإجابة على سؤالكم هذا ولكي يتم ذلك، أوجزت المدرسة اهتماماتها وطموحاتها الأدبية في التالي: -الحفاظ على نهج من سبقوا والعناية بالمضمون مع الاهتمام بصدق التجربة.
- الحفاظ على نوع الغرض الشعري تبعا للحداثة والتطور التكنولوجي من خلال الفلسفة الإبداعية، ورمزية البناء - عولمة وحوكمة القصيدة تبعا لديماغوجية  العصر والربط بين كل ما هو مألوف، مع الحفاظ على وحدة الجو النفسي للقصيد تبزغ المقاطع دون تقيد مع الحفاظ على جودة الصياغة -الجنوح للألفاظ السهلة والمباشرة تلقى موافقة الذوق العام وتصلح لأكثر من موضوع.-الفانتازيا سياسيا واجتماعيا كمثال واضح للسخرية من المحن والمصائب في أطر كوميديا باكية منهوكة الأعصاب مع الأخذ بالاعتبار أن تكون مجهرا للحياة - لوجستية الأدب وفقا لمقتضيات الحداثة، وعودة الملاحم الشعرية والدراما تأثرا بالوضع الاجتماعي سياسيا، واقتصاديا واجتماعيا شعرا وزجلا، ورواية.  
-مناشدة الحكمة وتعرية الزيف من حيث الأخيلة في الغلاف وما تخفي ورائها من معاناة حقيقية. بما أن الإغراءات الشديدة الإبهار التي تدفع إلى الانسياق مع تيارات التغريب في ظل الأوضاع الدولية التي تخضع لنظام العولمة الماحية للهويات والماحقة للثوابت وجب علينا أن ننادي بالخصوصية في الحرية وفي الكرامة وفي الهوية وقد ساعدنا على ذلك تطبيق المنهج الويستفالى في نوع من الاقتباس لعوامل النجاح ولكن بشروطنا العربية لا الغربية في إحياء فن العتابة والزجل والملاحم وشعر المربعات والابوذية في تقريب لهجات الاتصال و الحوار الثقافي والاجتماعي بين الدول الأعضاء بالمدرسة الأدبية وانتشرت ثقافات الدول باللغة الفصحى والمحكية وامتزج النغم في عولمة ثقافية عربية جديدة ولم نقم بوضع أطر للوسائل الإبداعية لدى الشعراء أو الكتاب ولكن وضعنا أطر جديدة حاكمة للقصيد بعيدا عن الشطط أو الإسفاف تصلح لتجديد لغة الحوار بين حضارتنا وثقافتنا والحضارات المتعددة.
تعمد المدرسة إلى خلق مواعيد و لقاءات ثقافية إقليمية وعربية كان آخرها المهرجان الأدبي الذي نظم السنة الماضية بالأردن،  ما هي المواعيد القادمة المسطرة وهل من مشروع خاص بالجزائر ؟
نعمل دائما بالتشاور ووضع برامج دقيقة البناء من خلال الأمانة العامة للمدرسة الأدبية وهي الإطار الحاكم ما تفرزه المدرسة من نجاحات وبالفعل نحن لدينا برنامج ثابت لإقامة مهرجان كل عام بدولة عربية بعدما تيقينا أننا لن ننجح إلا بالاعتماد على أنفسنا ومواردنا الذاتية المحدودة نظرا للفقر الفكري المتعمد و الروتين السائد من وزاراتنا الثقافية فنحن لدينا أفكار وأمال من خلال برامجنا فمهرجان الشعر العربي الرابع و الذي كان مقرر إقامته في سوريا الشقيقة نوفمبر 2017 ولكن أجلنا الموعد نظرا لظروف أمنية وما تسفر عنه الأيام. عود على بدء فقد تبنى الاتحاد الدولي لأبناء مصر بالخارج والذي نعمل كنشاط ثقافي له، تبنى إقامة مهرجان بالإمارات العربية المتحدة خلال الشهور القادمة
كما نتمنى بالقريب إن شاء الله أن يقع اختيار الأمانة العامة على إقامة مهرجان بدولة الجزائر الشقيقة ليكون مهرجان الشعر العربي الخامس لما تملك من مقومات الثراء الثقافي والابداعي والذي يمنحنا نشوة التنافس الحميد من أجل الرقي بالكلمة والارتقاء.
يقال أن الأدب والثقافة كفيلان بالتصدي للجهل والتطرف والجهل والتعصب، ما هو رأيك في ذلك؟ وهل المدرسة تسعى في مشاريعها لتشجيع التواصل مع الآخر؟
تعتبر الثقافة قوة لا يستهان بها في الشؤون العالمية والعلاقات بين الأمم وبعضها البعض، فيكفي أنها المفهوم الأوسع والشامل لأشكال هامة ومختلفة من مناحي الحياة وممارستها اليومية، كما أنها تتضمن أعمالًا وموجودات مختلفة تعكس بكل تأكيد حضارات الشعوب.  لكن يجب استحداث وسائل جديدة لتجديد لغة الخطاب والتواصل والربط بين الأجيال بعضها لبعض لنستطيع تحمل الرأي والرأي المضاد بكل الوعي والأريحية بدلا من مشاعر النرجسية بين الأجيال لأن سبب غياب النظرية العربية المعاصرة هو نتيجة فعلية لانقطاع الثقافة العربية عن التساؤل والتفكير وانقطاع الثقافة والمثقف العربي عن الإمساك بزمام المبادرة في طرح صيغ الحوار لا يمكن أن تؤدي في نهاية الأمر إلى تصنيف مقبول يتعامل تعاملا نوعيا ومعنويا ونفسيا بحيث ترقى الثقافة والأدب فهما واستيعابا وتجاوبا.
نحن كمدرسة أدبية شجعنا في مشروعاتنا الأدبية على تجديد لغة الخطاب والاتجاه إلى عولمة عربية جديدة تصبو إلى العالمية فأنشأنا قسم الترجمة ليكون بوابة الكلمة العربية إلى العالم الغربي والانفتاح على الحضارات سواء بالتعاون اللوجستيكي أو بالتراجم الصادرة والواردة مستقبلا وفي سبيل ذلك أنشانا فرع للمدرسة في ألمانيا ولنا عدة بروتوكولات تعاون في فرنسا والبرازيل وأوكرانيا.
 هل تأرشف وتطبع المدرسة ورقيا حوصلة ملتقياتها الأدبية؟
 في بادئ الأمر لم نفكر في أرشفة وتدوين قرارات وقصائد ومهرجانات مدرسة النهضة الأدبية ولكنا مع مرور الأيام اتجهنا إلى ذلك ولنا جريدة ورقية تعبر عن حال الشعر والشعراء بالمدرسة الأدبية وهي جريدة الحقيقة اونلاين الورقية إلى جانب موقعنا الرسمي للمدرسة الأدبية..
نعود لشخص الشاعر محمد عبد العزيز شميس، أنت بالإضافة إلى كتابة الشعر لك دراسات في قصائد لشعراء آخرون وكتابات أدبية، ما رأيك في الساحة الثقافية العربية حاليا؟
الساحة في حاجة إلى ترتيب الأوراق واحترام الرأي والرأي الأخر بشكل من أشكال الجمال التعبيري، فكل منا بداخله كلمة تخرج من رحم الشاعر ليعبر أفاق الجمال، لذا فإن المناهج النقدية - شأنها في ذلك شأن المذاهب الأدبية - ترتبط بفلسفات وعقائد وأيديولوجيات وتمثل وجهات نظر عن الكون والإنسان والحياة والإله وهي وجهات تصدر عن حضارة الآخر، وتعبر عنه بطبيعة الحال قضايا الوعي النقدي. وتمثله في الممارسة وهنا تكمن الأزمة في الساحة الثقافية العربية إذ أن المتتبع لكتب النقد الأدبية والدراسات النقدية الأكاديمية يستطيع ان يلاحظ مدى تأثر مؤلفي هذه الكتب بالنظريات النقدية الغربية التي وضعت على ضوء فهم النقاد الغربيين لنصوص الأدب الغربي قديما وحديثا ونشأة هذه النظريات ومدى تطورها ضمن إطار تطور الأدب الغربي الذي يقف على الطرف النقيض من الأدب العربي والذي يختلف في مفاهيمه وفي رؤاه واتجاهاته عن واقع الأدب العربي أيضا، لذا فإن كل النظريات ليست صالحة التطبيق في النصوص، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه النظريات بالضرورة صالحة لكي تطبق على نصوص الأدب العربي وإبداعاته المختلفة ؟ وهل هذه النظريات الغربية قادرة على استيعاب النصوص الأدبية العربية على مدى مسيرة أدبنا العربي وفتراته المختلفة دون اللجوء إلى لي ذراع تلك النصوص أو تحميلها ما لا تستطيع احتماله في سبيل إثبات صحة تلك النظريات واثبات قدرتها على تأويل وتحليل النصوص العربية.
يعتبر الفضاء الأزرق حاليا وسيلة تواصل حطّمت كل الحدود وقرّبت المسافات، وهو أيضا مجال للنشر والإصدار الالكتروني، هل سيحّد يوما من الطباعة الورقية؟
نعم إن الفضاء الأزرق وسيلة برغم ما لها من ايجابيات قربت وسائل الاتصال والمعرفة وصنعت عالما كونيا متكاملا خلف الشاشات، إلا انها أفرزت سلبيات أكثر سوءا وجعلت النشر يميل إلى الغوغائيه وصارت المتغيرات المندرجة تسير بنا بدلا من طور الازدهار والنمو تسير بنا إلى الاحتضار فالموت لأن أهلها قد عجزوا عن إخصابها فما زالت للكتابة الورقية البريق والجمال ونفحة الإمتاع بالاجتماع.
ما هي مشاريعك المستقبلية، وهل من جديد أدبي؟
 مشاريعي منصبة في خدمة المجتمع العربي وصنع جيل جديد من شبابنا المعاصر ليحمل مشعل الحضارة والثقافة لعقود قادمة ونحن في طور تنفيذ مجموعة من الآليات للانضمام تحت مظلة جامعة الدول العربية بالقريب إن شاء الله.  أما عن الجديد الأدبي، فأنا بصدد الانتهاء من وضع اللمسات النهائية لديوان مجمع لشعراء المدرسة الأدبية، كما أقوم بوضع مقدمة ودراسة لديوان خيول الليل للشاعرة الأردنية النبطية سمية الحمايدة وأخيرا استعد لطبع ديوان “الناي الحزين بين الحب والثأر” خلال الأيام القادمة.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024