أطلقت الفنانة التشكيلية يمينة العيفة بألوانها آفاقا واسعة ضمن معرضها الفردي المقام تحت عنوان “الفن والجمال” برواق “عائشة حداد”، حيث ضمّ المعرض الذي يستمر إلى غاية 28 نوفمبر الجاري، 22 لوحة جسّدت من خلالها الفنانة مواضيع الطبيعة والورود وصور لنساء بأسلوب معاصر، وبألوان جميلة زاهية أعطت إحساسا بالنزق اللوني.
استخدمت الفنانة في لوحات معرضها ألوانا دافئة مبهجة تبعث التفاؤل والأمل للمتلقي من خلال تصويرها للطبيعة. وتكثر الفنانة بشكل واضح من تصوير أنواع الزهور والورود التي تبعث الراحة في الأماكن الجميلة وتعطيها حيوية مميزة، لتقدم رسالة حب مكللة بالبساطة.
وعن اعتمادها على الورود في رسوماتها، قالت الفنانة في تصريحها لـ “الشعب”، إنّ الورد هو أرق وأبسط طريقة للتعبير، حين تراه العيون تتغير ملامح الأوجه الأجمل وتمنت أن يدرك المتلقي قيمة الزهور في حياتنا.
وعن الفرق بين مختلف الورود التي تقدّمها من كل صنف ونوع، فأشارت إلى أن الفرق يكمن في استعمال التقنيات والألوان، لا غير، فكل الورود والأزهار جميلة تعكس الحياة والأمل والفرح، موضحة أنها تميل أكثر للورود البيضاء كونها الأمل نفسه في وجدانها، وتبعث على التفاؤل والحياة وتجعل النفس أكثر إقبالا على كل ما هو جميل تختاره وتستمتع به، كي لا تقف عند ما يعكر الخاطر والمزاج، فكل ما يرتبط بالورد جميل مثل قطرات الندى وإطلالة الشمس الهادئة وباقات المناسبات السعيدة وهكذا.
ويحضر في معرض يمينة العيفة لوحات عن المرأة الجزائرية، وقد تلاعبت بصورها جماليا، وعبّرت عن أقصى حالاتها من الخيال كحلم سرمدي وفي الواقعي كقضية ودور. فكل حضور للمرأة في الفن التشكيلي يعني عوالم غارقة في الجمال والألوان والعلامات والأفكار. وبهذا الخصوص قالت الفنانة “إنّ ظهور المرأة وتميزها في لوحاتها انعكاس لإيمانها بأن المرأة نصف المجتمع بجمالها وكينونتها، فهي رمز الحنان والرقة والعواطف، أما الورود فهي تدفع للراحة والطمأنينة والحلم.”
ورسمت الفنانة أيضا لوحات في التراث، منها لوحة “القصبة”، التي قالت عنها “إنها تراث عالمي، وبالتالي فمن غير اللائق تجاوزها في المعرض، فهي تعكس التاريخ والهوية وكل أمر جميل وزاخر”.
ومن اللوحات التي تحدّثت الفنانة عنها لوحة “تسليث”، وتعني العروس تلبس ثوبا تقليديا وتضع الحلي الجميلة لتقول “جعلتها امرأة جزائرية أمازيغية، لكني تعمدت أن يكون وجهها لا يحمل نفس تقاطيع وملامح الجزائرية الأمازيغية، وجعلت من الوشاح الذي تلف به شعرها يشبه ذلك الوشاح الأفريقي لأعطي بعدا عالميا لتراثنا الوطني”.
وأكّدت الفنانة أنها تلتزم بالأسلوب الواقعي، وأنها لا تميل للتجريدي، كما أنها لا تخوض في قضايا الراهن ومسائل السياسة وغيرها، ماعدا في بعض الحالات مثل الحرب على غزة، لذلك خصّصت لهذا المعرض لوحة عن غزة بعنوان “فلسطين” تظهر أما تحمل طفلها لحمايته من هول الحرب ووراءها النيران تشتعل نتيجة قوة وكثافة القصف.
وعن علاقتها بالفن التشكيلي، قالت إنه بالنسبة لها هواية وأنها فنانة عصامية لم تتعلم أبجديات الرسم ولا تقنياته في أي مكان، لكنها ذكرت أن والدها المتوفى كان رسّاما وكانت مولعة بما يرسمه وكان يشجعها على الرسم ويرافقها، وبعد وفاته هجرت الريشة وأدوات الرسم لمدة 8 سنوات، ثم انطلقت نحو مسارها الفني على الرغم من أن التجربة في عمومها ليست سهلة، مؤكدة أنها تقوم بعدة مهام وأعمال في نفس الوقت فهي زوجة وأم ومهندسة مرتبطة بمهنتها وهي أيضا فنانة، لكن يبقى الرسم، كما تضيف، متنفسها من كل الضغوط.
وعن مشاركتها في هذا المعرض، قالت إنّها شاركت في العاصمة لأول مرة، مشيرة إلى أنها شاركت قبلها في معارض ببجاية وسطيف وقسنطينة، وقالت إنها قادمة من ولاية بجاية التي تقيم فيها منذ سنوات بعد زواجها وانتقالها من مسقط رأسها سطيف إليها، علما أنها تعمل مهندسة معمارية (رئيسة مصلحة).
كما ذكرت ذات الفنانة، أنها زارت الأردن في أكتوبر الماضي للمشاركة في المعرض الدولي للفنون التشكيلية ممثلة للجزائر، بحضور الكثير من دول العالم، ولاقت هناك التشجيع والإعجاب وقد زارها في معرضها سفير الجزائر هناك مشجعا لها، علما أنها قدمت لوحة “أمل” وهي موجودة في المعرض الجارية فعالياته، تصور امرأة كأنها تتنفس الصعداء وتقبل مجددا على الحياة.
ولفتت المتحدثة أنها زارت تونس مرتين للمشاركة في معرض دولي آخر تحصّلت فيه على الجائزة الثالثة، متمنية بالمناسبة أن تنظّم عندنا في الجزائر مثل هذه المعارض الدولية الكبرى. وفي الأخير، عبّرت الفنانة عن وفائها لريشتها وألوانها، وكذلك بوظيفتها كمهندسة عمرانية قائلة “لن أفرط في كليهما أبدا”، مؤكّدة أن الرّسم هو علاج لها.