شهد أمس الأول الخميس احتفالات باليوم الوطني للقصبة، تمّ فيها استحضار مختلف العادات والتقاليد الشاهدة على تاريخ المدينة العريق. من جهته، صرّح والي العاصمة عبد القادر زوخ خلال إشرافه على نشاطات هذا اليوم الوطني، أن الولاية «على وشك تعيين 59 مكتب دراسات، يتكفل كلّ واحد منها بجزء من بنايات القصبة» قبل أن يتمّ اختيار المقاولين، وأكّد بأن المشكل لا يتعلق بالجانب المالي للعملية.
نفى عبد القادر زوخ، والي ولاية الجزائر، وجود إشكال في الجانب المالي المتعلق بترميم قصبة الجزائر، نظرا لما سخّرته الدولة من أموال لاستكمال هذا المخطط. وتحدّث الوالي عن 2400 مليار سنتيم خصصت للعملية التي ستمسّ جميع المباني. وأكّد زوخ أن الولاية على وشك تعيين 59 مكتب دراسات يتكفل كلّ واحد منها بجزء من مباني القصبة، ويعقب ذلك اختيار المقاولين يجب أن يكونوا أخصائيين، ويخضع عملهم لتقنيات العمران، وأن يستعملوا المواد المستعملة قديما.
وأضاف زوخ بأنّ مخطط الترميم لا يهدف إلى إفراغ القصبة من سكانها، بل يرمي إلى إشراك مالكي السكنات في العملية. واعتبر والي العاصمة بأن إفراغ القصبة من سكانها سيكون بمثابة إفراغها من روحها، مؤكّدا على ضرورة مشاركة الحرفيين في إعادة بعث هذه المدينة العتيقة المصنفة ضمن التراث العالمي.
من جهة أخرى، قام والي العاصمة بتكريم عائلة أيقونة الأغنية الشعبية، الفنان الراحل اعمر الزاهي، الذي سمّي معهد الموسيقى والتمثيل (طور الانجاز) باسمه. ويحتوي هذا المعهد، الذي سيفتتح شهر أكتوبر من السنة الجارية، على 37 قاعة لتدريس مختلف أنواع فنون العرض، من موسيقى ومسرح وتمثيل، ويمكن للجميع ابتداءً من سن السادسة الالتحاق به دون أي شرط مسبق.
وكان وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، قد تطرّق إلى ترميم القصبة الذي أوكل إلى ولاية الجزائر بعد أن كان تحت وصاية وزارة الثقافة، وقال ميهوبي إن وزارته تقوم بالاستشارات الفنية وليس دورها تسيير مؤسسات، خاصة وأنّ الترميم يقوم وفق معايير مطلوبة وهو ما تقوم به ولاية الجزائر.
قصبة التّاريخ..والثورة
كما شهدت الاحتفالية تنظيم إذاعة البهجة يوما مفتوحا بالمسرح الوطني الجزائري محيي الدين بشتارزي، استضافت فيه مهتمين بالمدينة العريقة، تحدّثوا عن جانب من تاريخ مدينة الجزائر التي كانت مستهدفة من القوى الأوروبية أكثر من عاصمة العثمانيين اسطنبول، وتطرّقوا إلى «الكنز» الذي اغتصبه الاستعمار الفرنسي، والذي يعادل 120 مليون يورو حاليا، وحمل على ظهر ألف دابة.
ومن بين المداخلين السيد عمر حاشي، الذي قال إنه لا يحبذ استعمال تسمية «القصبة»، التي تعني فقط «القلعة»، والإدارة الفرنسية هي التي عمّمت هذا المصطلح على المدينة بأكملها، واستعمال هذه الكلمة أصحّ لدى أهل قسنطينة ووهران مثلا. كما تحدث عن مراحل بناء وتوسيع المدينة، وأصر على استبعاد القول بأن العثمانيين هم الذين بنوا القصبة بالنظر إلى عددهم حينذاك. وأشار حاشي إلى زلزال القرن السابع عشر الذي حطم مدينة الجزائر، وقبل ذلك هناك زلزال 1365 الذي تحدث عنه لمؤرخ يحيى بن خلدون وحطم ثلاثة أرباع المدينة، وبولوغين بن زيري أعاد بناء الجزائر. أما السيد زكار، المختص في تاريخ القصبة، فتحدث عن 4 آلاف مبنى قبل العهد العثماني.
وتساءل حاشي لماذا نتكلّم عن الأتراك حينما نذكر «القصبة» ولكننا لا نتحدّث عن الأندلسيين؟ وأعطى مثالا بتسمية «تغارا» التي تعني الثغريين وهم القادمون من الأندلس، مضيرا إلى المباني في إشبيلية التي تشبه مباني القصبة.
ولا يمكن أن نتحدث عن حيّ القصبة العتيق دون الحديث عن بطولات ثورة التحرير، وفي هذا الصدد تطرّقت إذاعة البهجة في يومها المفتوح إلى ذكرى الشهيد عبد الرحمن عرباجي، الذي صادفت هذه الاحتفالية إحياء الذكرى الستين لاستشهاده في القصبة وبالضبط بـ «عقيبة الشيطان»، «بقي ربع ساعة كاملة وهو يتبادل إطلاق النار مع جنود الاستعمار، وجرائد تلك الفترة خلّدت ذلك»، يقول أحد أفراد عائلة عرباجي التي قدّمت العديد من المجاهدين والمناضلين من أجل الحرية.