كثيرا ما يتردد موضوع أزمة النص الشعري في الأدب، وبمختلف أدواته وخلفياته وغياب إستراتجيته، وهذا من خلال العودة إلى التجربة القديمة لبناء نصّ متكامل الأجزاء في ذاته، وهذا بتهذيبه إذ كنا نعرف الشعر منقحا محكما ناضجا وكان للنقد الأدبي دور إيجابي بارز ألح على الشعر بالإصلاح والتنقيح والتمحيص حتى انتهى إلى مرتبة الجودة والاتقان، ومعالجة الظاهرة النصية في عدة مستويات من المعاني والشكل.
وفي ظلّ بحث عن نصّ جديد وعصري قائم على الاسترجاع الحيوي والتقنيات الحديثة والفكرية الذي بدوره يؤثر على الناقد والقارئ، وهو قبل كل شيء تفاعل يؤدي إلى الرصيد والطموح الأدبي والثقافي، إلا أنّ بعض الشعراء لم تصله الرؤية الصحيحة للتعرف على المناورات الحداثية، أو ما يسمى ما بعد الحداثة و لهذا تثر عدة تساؤلات حول بناء النص الشعري والتعامل معه وفق أبجدياته نحو الهدف المقصود ـ إذا كان كلامي صحيحا ـ وبلا شك دون الخوض في مسألة البناء والمكونات الجمالية، وعلى المبدع الشاعر أن يمتلك الشفرة التي بلا شك تؤهله لأن يصبح قامة للأدب العالمي، لأن من يصنع اللغة هم الشعراء ويفرضون ذائقتهم بين الفصاحة وعذوبة الحكي، ولكي يحقّق ذلك عليه أن يهتم بالبنية النصية وموضوعها ولا يشتغل على الشكل بمفرده، فيصبح ثقل الصورة الشكلية أكبر من ثقل الكلمات، عليه أن يكون ملما بما يصدر من حوله ويعتبر نصه ضمن نسيج الثقافة العربية والعالمية.
وما نجده في بعض النماذج الشعرية يبحث فيها الشاعر على استغلال الشكل دون الولوج في عمق النص، الذي يبدو سطحيا كمادة شكلية جديدة ومجهولة لا يمكن فيها التعمق والتنوع في الرؤية وفي أشكال التعبير، وبدون إدراك منه يظن أنه كسر مقاييس قديمة صنعت جمالية مقررة سلفا، ليكشف الواقع الجديد الخفي ويتشكل، بقدر ما يكون نصه باهتا وسطحيا، ويعتقد أن الأدب ينظر إليه من خلال ثوبه الجديد والانتقال إلى المجهول دون أن يضع شروطا للتعبير عن جماليات اللغة والوصول إلى البنية التحتية، التي تقيم عليها كل معرفة جديدة، وهو بالذات سيمنح لشرائح القراء والنقاد والمتذوقين لشعر وهم يبحثون على ما خلف الصورة الجميلة والمثيرة والتي تشدّه باستمرار، ولهم حق الردّ ما هذا الشكل الذي به يتحدثون بحرج شديد نحو شكل جديد بدون موضوع جديد في هذه الدائرة الضيقة؟