غيّب الموت عنا مرة أخرى الفنان والكوميدي والممثل أرزقي رابح المعروف باسم أبو جمال، نجم من نجوم الفن بالجزائر والوطن العربي، فارق الدنيا بعد متاعب مع المرض، ألزمته الفراش والبقاء بالبيت للعلاج الدائم والمستمر، بسبب بتر رجليه وعجزه عن التحرك إلا نادرا مع مضاعفات مرض السكري والفقر وقلة الحاجة.
من منا لا يذكر صاحب هذه المقولة “ماما زوجيني” “ماما اعطيني تشبشاقة” موجها كلامه إلى الفنانة الراحلة وردية، وهو الذي ادخل البسمة إلى قلوب الجزائريين، من خلال الروائع التي شارك فيها رفقة عباقرة التمثيل في الجزائر، فمن مسرح محيي الدين بشطارزي، أين بدأت التجربة الفنية تراوده إلى انخراطه في جمعية أبو الفنون ومسايرته لأعمدة الفن السابع أمثال بشطارزي، بودية، بن قطاف، قاسي، مريم، رابية، وغيرهم كثير، ما جعل الكثير من المخرجين يمنحونه أدوارا، لا يخالهم فيها أدنى شك فكان صاحب الخرجات المفرحة، والبهلوانية تارة، كاسبا محبة الجماهير، متميزا بطرافة، ودغدغة لأحاسيس المشاهد، فكان لها نعم الممثل ونعم النجم.
قدم أبو جمال للساحة الثقافية والفنية أمهات الأعمال الفنية سينمائية ومسرحية وتلفزيونية والمونولوق ما يفوق عن 300 عمل فني ، على مدار مسيرة يمكن القول أنها منحت المتعة للمشاهد الجزائري وصنعت له الفرجة الجمالية، أبو جمال الرجل ذو القامة الطويلة وصاحب الابتسامة الدائمة، قلما تجده حزينا رغم المتاعب الاجتماعية التي عانى منها خلال مسيرة حياته، من بينها أجرة لا تقل عن 14000دينار، لا تكفي حتى لسد مصاريف علاجه، ليعيش غربة أخرى أكثر قساوة من التي رافقته طول حياته.
نشأ وترعرع بحي سوسطارة الشعبي، وكان لي الحظ أنني زرته في بيته القديم الآيل للسقوط في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، الذي لا يليق لأسرة يزيد عددها عن الـ 10أفراد وولدين مصابين باختلالات عقلية، كثيرا ما سببت له أتعاب كبيرة. ليتحول إلى زرالدة والى بيت اجتماعي حفظ له ماء وجهه من التشرد والمعاناة، إلى جانب ذلك فقد كان كاتبا للشعر الشعبي والملحون ولا يقرأه إلا من رأى فيه صدق السمع، بموته تكون الساحة الثقافية الجزائرية فقدت نجما من صانعي مجدها الفني على مدار السنوات وتنطفئ إلى الأزل.