تحمــــل رؤيــــة تختلــــف في الطــــرح

تجـــــارب شعريـــــة عراقيـــــــة شبابيـــــــة في الساحــــــــــة

عدي العبادي

شكل المشهد الشعري العراقي الحديث حضورا كبيرا في الوطن العربي انطلاقا من الجيل الخمسيني المتمثل برواد ما عرف بحركة الحداثة الشعرية أي ما عرف بالشعر الحر الذي خرج عن النظام العروضي الذي وضعه الفراهيدي وهم بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي فكانوا السباقين في كسر القاعدة والمؤسسين لقصيدة عراقية حديثة.

مع مرور الزمن ظهرت نخب كثيرة من الشعراء والشاعرات طرحت مشاريعها الشعرية في الساحة حتى أصبح العراق يمتلك منظومة كبيرة واسماء مهمة وصلت الى العربية وفي موضوعنا هذا تناولنا بعض التجارب العراقية الشابة ونسلط عليهم الضوء وفق رؤية خاصة لان هذه المجموعة اشتغلت على عدة محاور مترجمة لنا ما عاشته شعرا الشاعر مؤيد نجرس وجه خاطبه لشخصية لم يحدد هويته حيث نجده في مطلع قصيدته يقول
لا تطرق الوقت ثم يسترسل في المخاطبة حتى اكمال فكرة العمل
لا تطرقْ الوقتَ الذي لَنْ ينتهي ..
إلاَّ بنافذةِ المصيرْ
الآن ..
لا وقتٌ
يذهب ميشيل فوكو الى ان الحداثة قطعة معرفية أي انها تنهج نهج خاص بعيد عن الموروث وليس لها مرجعية خاصة بها ولهذا يعتبر الدخول لعالم النص الحديث وتفكيكه والبحث في أدواته لاكتشاف عناصره الجمالية والإبداعية والبلاغية وفهم الرسالة التي يوجهها الشاعر يحتاج لمقدمة معرفية بالحداثة أي الاستعارات وفي نص جرس نجده لم يوضح الرؤية تاركا للمتلقي الشريك الثاني في العمل او الممول كما يطلق عليه امبرتو ايكو مهمة الاشتباك مع النص لفك شفرته وفهم الدلالات   
 (ذاكرة مأزق) يضع أسئلة بدءا من العنوان الذي هو مفتاح الدخول الى عالم النص لمعرفته فهو جعل عنوانه عبارة عن نص مستقل بذاته لا ينتمي الى متن ما طرحه فنجده يقول
قلبي ذات النبض المثقوب
وليمة ٌ للراحلين
يتشظى ب رِهان أخرس
لذا سأفسره ُ على حائطٍ زنجي
وأرفع رأسي المكتظ بإسئلة ملساء سلاحا ً للأفواه ...
إيتها البكارة ُ المنبثقة من شغف ذكرى يابسة
يظهر عنصر الخيال في نص مردان بشكل ملحوظ ويعد الخيال احد اسس الشعر الحديث ويذهب بهذا ايلمان كراسنو في كتاب الحداثة الجزء الثاني فيقول إن الانشغال التام بالخيال الإبداعي هو احد السمات المميزة للأدب المحدث يرجع اهتمام الفلاسفة بالخيال الإبداعي إلى القرن الثامن عشر وقد اهتم الكثير من المبدعين في شتى المجالات الإبداعية بصناعة الخيال ويكاد لا يخلو نص إبداعي، أياً كان من الخيال، وقد وفق الشاعر انمار  بتوظيف الخيال بطريقة جيدة وظل محافظ على بنية النص وقد ربط بين نصه والخيال وجعلنا نعيش معه لحظات تأمل وعرفنا مدى براعته في المزج بين الضربات الخيالية ومنتجه الأدبي فكانت كتابته أشبه بالواقعية المقنعة حين
احمد المالكي جسد نصه في التعبير عن ذاته وشاركناه المنتج بجماليات ما طرحته
اللغـة الدارجة  فـي البـوح  هـي ترنيمـة التصـوف
بيـن البلاغـة .... والبـراءة
البـلاغـة. .
كيـف افسـر رغبتـي فـي البـوح
عبـر نفـق عـدم الثبـات. ... ..
يَـفتـحُ
أبـواب الفـراغ. ...
يتـوقـف عنـد العـزلة ...تفكيري
فلا يدور ...سوى الأدعاء
البراءة. ....
مجموعة أطروحات جمعت بنسق تحت مسمى النص وقد برع الشاعر باختزال شعري فكان اشتغاله بالتأويل تاركا للمتلقي عملية الاشتباك مع النص وفك شفرته لمعرفة ما يريد الشاعر قوله فالمتلقي المرسل له المعني بالخطاب وهو الشريك الثاني بالعمل وافضل من عبر عن المتلقي امبرتو ايكو الناقد الايطالي حين اطلق عليه الممول ولهذا يسعى كل شاعر إلى إيصال منجزه للذائقة وتسويق مشروعه الإبداعي ونلاحظ ان المالكي جعل الخطاب مفتوحا حيث كانت البداية صورة جميلة وتشبيه حداثوي بقوله اللغـة الدارجة  فـي البـوح  هـي ترنيمـة التصـوف
ميادة المبارك اشتغلت في احد نصوصها على الصورة الشعرية جاعلة منه عبارة عن مجموعة صور تاركة هندسة البناء المتصل ليكون الحدث في كل مقطع منه نص مستقل بذاته كان ارسطو يقول بوحدة الاجناس الادبية اي ان المسرح مسرح مستقل والشعر شعر والرواية رواية لكن باختين غير المعادلة ووضح قانون التداخل ففي المسرح شعر وقصة كما في الشعر قصة ومسرح لكن ادريدة قلب الطاولة على الاثين حين اعتبر العمل صورة ابداعية بعيد عن تجنيسه تقول المبارك في نصها
أُصفرُ من بللِ حُلمي المنقوعِ باستثنائكِ المنسكب مجازاً..
على خزينِ منظومةِ مشهدي المأسورِ بوجدك..
أهشُّ مدارجَ فناراتكَ البخيلة..
تثير قصيدة النثر الحداثوية إشكالية كبيرة لاعتمادها على الصورة الشعرية بعد ان انكسرت قصيدة العمود التي ظلت مهيمنة على الذائقة العربية لعقود وحققت القصيدة النثرية نجاح كبيرة وظهرت أصوات مهمة مثل انس الحاج ويوسف أبو الخال وادونيس بسوريا وفاضل العزاوي وفوزي كريم بالعراق ونجد الشاعرة ميادة المبارك ترسم صورها على نسق تعدد لكنها ظلت محافظة على بنية العمل اي فكرة ما طرحته حيث نجد الدلالة انها تخاطب شخص لم تحدد هويته
نضال العزاوي وجدت المجاز طريقة للتعبير عن ذاتية حيث لم تفصح ليكون نصها علاقة مع الذائقة العامة
افتح أبواب الصراخ
بكل صمت
افتش عن سر الخلود
من جلد الكلمة
يذهب كوهن الى ان منبع الشعر مجاز المجاز اي الخروج عن المألوف وصناعة لغة ترميزية ونجد الشاعرة نضال العزاوي تننطلق فضاءات الواقعية الى عوالم الانزياح لتجعل منتجه الإبداعية يثير أسئلة حيث يتضح عن نصها قابل للتفكيك فهو كلام مركز يشكل كل مقطع منه نص مستقل يمثل شيء للشاعرة فكما هو معروف ان إن كل نص شعري إرهاصة عاشها المبدع تمثل مرحلة مر بها وترجمها وقد استطاع العزاوي ان تعبر عن ذاتية وايدلوجية

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024