بمشاركة أكثر من 18 فرقة وطنية ودولية
كشف عزالدين ميهوبي وزير الثقافة أنّ سطيف ترسّم مرة أخرى يومياتها بتألقها المعهود، بتنظيمها للطبعة السادسة للمهرجان الدولي للسماع الصوفي، الذي حظي منذ دورته الأولى بالاحتضان الجماهيري الواسع، بعد أن كان هذا الفن مقتصرا في القديم على المجالس الخاصة. مضيفا، أنّ هذا المهرجان بقدر ما هو مساحة للتعابير الثقافية الروحية، فهو كذلك هاجس اجتماعي بأطروحاته التربوية والأخلاقية، إلى جانب السياقات الفنية المرهفة التي تتناغم مع الأجواء الصوفية المتألقة بالأنوار والأشواق. وأوضح، في كلمة افتتاحية بمناسبة انطلاق المهرجان
أن ستة أيام، يقول ميهوبي” لا تكفي لاستعادة هذا الكنز العظيم من المسموعات الراقية، ولكنها فرصة سانحة للغوص في أزمنة ثمينة، فيها من الحياة عناصرها ومن الوجدان خصوبته، ومن الروحانية تحليقها في سماء الوجود البعيد”، مؤكدا في سياق ذي صلة ،«أنّ استمرارية مثل هذه المهرجانات، مرهونة بتكاثف الجهود، بكل ما فيها من عطاء المنظمين وسخاء المتابعين الذين يؤرقهم العمل الثقافي كفعل نبيل وكمرجعية جوهرية للاستثمار في قيم العقل وبناء الإنسان. واختتم الوزير مداخلته، بتقديم توجيهات لعمال القطاع بضرورة الحرص على تقديم ما هو نوعي والابتعاد عن الارتجالية. والترويج للمنتوج الثقافي مع الالتزام بترشيد النفقات”.
وكان الوزير ميهوبي قد أشرف، بدار الثقافة هواري بومدين في ولاية سطيف، مساء أول أمس، على افتتاح المهرجان الدولي للسماع الصوفي في طبعته السادسة، تحت شعار “السماع لغة الطمأنينة والسلام” والذي سيدوم إلى غاية 12 نوفمبر الجاري، بمشاركة 18 فرقة وطنية ودولية.
واستهل، الوفد الوزاري بمعية السلطات المحلية، نشاطه، بتدشين معرض الفنون الإسلامية المخصصة للخطوط المعاصرة من إبداع الفنانين: يزيد خلوفي من مغنية، مصطفى بوسنة من برج بوعريريج، عبد الحق جلاب من أم البواقي، وعبد الحفيظ قادري من سطيف. ويعتبر المعرض لمسة جمالية تعزز الموقع الفني لهذه التظاهرة.
وفي كلمته الافتتاحية، أوضح محافظ المهرجان، إدريس بوديبة، “أنّ السماع الصوفي كفن عالمي، قد نجح في أن يصالح بين الإنسان وذاته، وفي الوقت آنه، هو مقام وحال لاستعادة القيم الإنسانية الرفيعة. وأشار إلى أنه إضافة إلى البرنامج الفني الذي سطرته هيئة المهرجان، ليس على الهامش وإنما بالموازاة”.
ويشمل المهرجان برنامج علمي أكاديمي، تقدم فيه سلسلة من المحاضرات، زيادة إلى تخصيص معرض للفنون الإسلامية، وتنظيم ورشة تكوينية موجهة للفرق المحلية، وهي مفتوحة لكل الراغبين في التكوين والهواة.
وفي السياق ذاته، أكد لمحافظ “أنّ هيئته تعمل في كل مرة على تقديم برنامج اندماجي وتفاعلي بين الفرق الأجنبية ونظيرتها الجزائرية، وهذا شكل آخر من أشكال التكوين. منوهّا بقرار وزير الثقافة، عز الدين ميهوبي، بترسيم المهرجان، كالتفاتة لا تخفى على مثقف كبير يعرف أنّ كل مدن العالم الآن، من أقصى آسيا إلى أروبا وإفريقيا، وحتى أمريكا، إلا وبها مهرجان للسماع الصوفي. وهذا يعود إلى أنّ كل عمل خلاق، ويكون ممهورا بلغة الروح، فإنه قادر على تخطي كل الحدود والحواجز في كل زمان ومكان. وأضاف، أنّ مدينة سطيف، إن تكن قد احتضنت هذا المهرجان الدولي، فذاك ليس صدفة، حيث بها عشرات الزوايا والعديد من الفقهاء والعلماء الذين أنجبتهم هذه المنطقة عبر العصور، ما خلق تراكما روحيا، أعطى للسماع الصوفي كل هذه الأهمية بين سكان سطيف”.
وحظي البروفيسور، أحمد بوسنة من ولاية سطيف، بتكريم خاص من وزير الثقافة، نظير مجهوداته العلمية في المجال الأكاديمي والتعريف بالموروث الروحي الجزائري، وهو عميد سابق لجامعة سطيف، ومختص في الفيزياء النووية. لتنطلق بعدها العروض الفنية لفرقتي أشواق، والراحل توفيق بوراس من سطيف، والتي قدمت سماعيات من التراث الوطني بتنويعاته الجزائرية متعددة الأطياف. تلتها مجموعة الصوفية “ دارفيزان” من تركيا، وفرقة محمود التهامي من مصر، والتي أبدع أفرادها في أداء ألوان وتنويعات صوفية مستلهمة من أجمل قصائد الشعر الصوفي العربي والعالمي، أمثال الحلاج، رابعة العدوية، جلال الدين الرومي، وغيرهم.
وفي الختام تلاحمت كل الفرق فوق ركح دار الثقافة هواري بومدين، وأدت مقطوعات رائعة تنم عن الانسجام والتفاعل بين هذه الأصوات مختلفة المشارب الفنية، وهي كلها تصبّ في سيرورة التوحيد والتمجيد للذات الإلهية المطلقة.