تيسيي وفرحاتي يحاضران حول “اللّيبراليّين الفرنسيّين”

تعاملهم مع المناضلين عرّضهم للمضايقات والطّرد

جمال أوكيلي

سرد الأسقف هنري تيسيي النّشاط السياسي لما أسماهم بـ “اللّيبراليّين الفرنسيّين” خلال مرحلة الخمسينات، ومساندتهم للثّورة الجزائرية ممّا سبب لهم متاعب مع الإدارة الاستعمارية التي اتّخذت ضدّهم إجراءات قاسية تراوحت بين الطرد التعسّفي إلى فرنسا، والإيداع بالسجن هنا بالجزائر التي كانت تحت الإحتلال.
الأحداث التي تناولها تيسيي كانت بعيدة عن عنوان المحاضرة المعنونة بـ “اللّيبراليون حاملو  الحقائب خلال الثّورة الجزائرية”، مبرّرا ذلك بقوله: أنّ ذلك تمّ في أوروبا وليس هنا. هذا الخروج عن الموضوع جعلنا نتحلّى بالحذر والحيطة خوفا من السّقوط في مطب تمجيد ماضي معين يكتنفه الكثير من الغموض في جانبه الايديولوجي، أي أنّ أنصاف الحلول لم تكن مجدية بالنظر إلى قرار الثورة وهو الإستقلال التام، والقضاء على النّظام الكولونيالي، والتي لم تكن تدعو إلى التعايش كما ورد.
ففي قاعة مليئة عن آخرها بمكتبة للشركة الوطنية للنشر والاشهار بشارع باستور، أثار الأسقف تيسيي رفقة الباحثة بركاهم فرحاتي مسار هؤلاء الليبراليّين في تعاملهم مع المناضلين الجزائريين آنذاك، ومساعدتهم في تلك الظروف كانت أولى بوادرها إرهاصات التقارب بين الكشافة الفرنسية ذات الانتماءات الدينية مع الكشافة الإسلامية الجزائرية، وهنا أورد تيسيي أسماء معروفة كبيار شولي، محفوظ قداش وصالح لواشي، كل هذا كان ما بين سنوات ١٩٥٦ ـ ١٩٥٧ حتى ١٩٦٠، وذكر هنا بأنّ العديد من المناضلين الجزائريّين وجدوا المأوى لدى هؤلاء اللّيبراليّين كبن خدة وعبان رمضان.
وكل ما صدر عن الأسقف تيسيي من معطيات عن تلك الفترة الصّعبة من تاريخ الجزائر، يعد شاهد عيان على مرحلة نظرا لدقة المعلومات فيما يتعلّق “بالأفواج” والأحياء والشّخصيات الفاعلة.
أمّا الباحثة بركاهم فرحاتي، فقد قرأت على الحضور تواريخ انتقتها بنفسها، بدأتها من نقطة الغزو الفرنسي إلى الجزائر وما ترتّب عن ذلك من قوانين جائرة ضد الجزائريّين، وهذا إلى غاية الإستقلال، وفي محطات معيّنة تذكر فرحاتي بنشاط هؤلاء “اللّيبراليّين” سواء كنخبة مثقّفة ومتعلّمة أو ما أصدروه من جرائد “إيسبوار ألجيري”، كانوا من خلال ذلك يقفون ضد النظام الكولونيالي.
وطيلة سماعنا لهذا السّرد، فإنّنا لم نسجّل أي موقف تجاه استقلال الجزائر، هذا لم يكن من أولويات اللّيبراليّين بالرغم ممّا تعرّضوا له من مضايقات من طرف الجهاز القمعي الإستعماري، لأنّ حسب تيسيي فإنّ التوجه الإجتماعي والتكفل بوضعية الناس هو الذي حرّك هؤلاء، والكثير وصفوا بـ “الخونة” نظرا لتعاملهم مع الجزائريّين رُحلوا وهجروا قسرا إلى فرنسا، وتعرّضوا لأعمال زجرية لمنعهم من التّواصل مع الجزائريّين.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19631

العدد 19631

الأحد 24 نوفمبر 2024
العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024