”الشعب” يعتبر كتاب حرية المعتقد في الإسلام، دراسة تأصيلية، مرافعة جرئية لصالح المذهب الأشعري، المؤسس للمرجعية العامة في منطقة المغرب العربي، كما تناول الكتاب محاججة برهانية قوية للتيارات الوهابية القديمة، والجديدة منها وبالذات المدخلية منها، ليجعل الدكتور محمد عبد الحليم بيشي، كتابه منصة لمناوشة التيارات الدينية الجديدة، من خلال مناوشة الأرضية التأسيسية لمنهجية وسلوكات هذه التيارات، كما يتضمن الكتاب قراءة جديدة لمفهوم الدين والعقيدة، من شأن هذه القراءة أن تثير الكثير من ردود الفعل، من طرف تلك التيارات التقليدية، كونه اعتمد على المنهجية العلمية الحديثة، التي بإمكانها أن تفتح الافاق أمام الأجيال الجديدة وتزيل من طريقهم تلك المزالق الخطيرة التي يمكن أن يقعوا فيها.
في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية وعن منشورات وزارة الشؤون الدينية الجزائرية صدر الكتاب الموسوم بـ “حرية المعتقد في الإسلام دراسة تأصيلية” للدكتور محمد عبد الحليم بيشي الأستاذ في جامعة الجزائر الكتاب جاء في اربعمائة صفحة وخمسة مباحث رئيسية تناول فيها الكاتب أهم الأسئلة احراجا وأكثرها جدلا في عالم اليوم الذي يشهد الكثير من الصراعات والحروب الأهلية تشكل المنطلقات العقدية أهم أسبابها، والتي يتوقع أن تكون تكاليفها باهظة إذا استمرت في ممارسة سلطانها على العقول.
وقد تناول الكاتب، اشكالية حرية المعتقد من خلال ثنائية الدعوة للإيمان، و البلاغ والأعراض، وهي الاشكالية التي تنطلق من مفاهيمها التقليدية، الكثير من الحركات الجهادية والجماعات المسلحة، وقد حرص الدكتور محمد عبد الحليم بيشي، على جعل الكتاب مواجهة صريحة مع هذه الجماعات والتيارات الفكرية، التي تساندها وفي مقدمتها التيارات الوهابية، وتجلياتها المدخلية الجديدة.
وقد عمل الدكتور محمد عبد الحليم بيشي، على الاشتغال على محور أسس التصحيح والبناء، في النظرة العلمية الجديدة لمفهوم العقيدة للانتقال نحو الحرية والتعايش الحضاري، مقدما قراءة جديدة لهذا الاتجاه من خلال الكثير من الأمثلة، بداية بالأنبياء والتجارب الدينية التاريخية المتعددة، سواء كان ذلك التجاذب داخل العقيدة الإسلامية نفسها، بمختلف اتجاهاتها أو مع الديانات الأخرى، الأمر الذي يجعل من الدعوة إلى التعايش الفرصة المناسبة والأقل تكلفة في مواجهة التهديدات الكبرى.
ويعتبر الدكتور محمد عبد الحليم بيشي، من الباحثين المتمرسين من الجيل الجديد، وقد سبق أن صدر له العديد من الابحاث والدراسات المتخصصة، منها دراسة حول دور أعمال رائد الصحافة الجزائرية عمر بن قدور، وغيرها من الدراسات التي تدعو إلى ضرورة إعادة النظر في البنية الثقافية والمنهجية، المتناولة للتراث والابتعاد عن الدغمائيات التقليدية، التي تنتج التخلف والتصادم الاجتماعي.
يأتي كتاب “حرية المعتقد في الإسلام دراسة تأصيلية” للدكتور محمد عبد الحليم بيشي، في وقت تعرف فيه الجزائر نقاشا واسعا حول المرجعية الفقهية والإيديولوجية العامة للمجتمع، التي يتوقع أن يرتفع وقعها وتتعدد أطرافها، وتزداد تأثيراتها في المستقبل، الأمر الذي يجعل من عبد الحليم بيشي أن يعتبر في كتابه أن الوقت مناسبا لاتخاذ مسارات جديدة لهذا النقاش، انطلاقا من الخلفيات العقدية الايدولوجية، والأسس التي تقوم عليها السلوكات العنفية، المبررة من الاختلاف الديني أو المذهبي، ويؤكد الكاتب على ضرورة التأسيس للحرية العقدية بعيدا عن كل الاكراهات والتيارات المساندة لها.