الأديبة حسيبة طاهر لـ “الشعب “

” الكتابـة خير أنيــس لي في الغربــة”

أجرت الحوار: حبيبة غريب

النّقد الأدبي في الجزائر بحاجة إلى منهجية ومرجعية

 هي أديبة جزائرية مقيمة بكندا، من هواياتها الكلمة العذبة الموزونة التي تخطها روايات ودواوين شعرية وخواطر ومقالات نقدية، تصدر العديد منها في المجلات العربية وعلى المواقع الالكترونية. إنّها الكاتبة والمبدعة  حسيبة طاهر، التي لم تمنعها المسافات والغربة من التمسك بالوطن الأم والكتابة له وعنه، والتي تفصح من خلال هذا الحوار عن آرائها في العديد من المواضيع الخاصة بالأدب.
❊ الشعب: من هي الأديبة حسيبة طاهر؟
❊❊ حسيبة جغيم (بنت الطاهر) أديبة جزائرية - كندية، من مدينة الميلية وجيجل أصلا مقيمة بكندا،حاصلة على ليسانس علم النفس بجامعة قسنطينة، شهادة مربية متخصصة وشهادة مختصة تغذية من كندا. عملت أستاذة بالجزائر، ثم مالكة ومديرة روضة أطفال بمدينة مونتريال الكيبكية، ومديرة مكتب كندا لمؤسسة الحلم الجديد للثقافة والإعلام العراقية.
كنت كاتبة هاوية من صغري لكن تفرّغت للكتابة الجادة والنشر والاحتراف منذ العام الماضي، بالاضافة إلى التأليف والقراءة أهوى الموسيقى، السفر والطبخ.
❊ من شجّع موهبتك في الكتابة والشعر؟
❊❊ أكيد من كان له الدور الأول والأكبر في نجاحي هو أبي، بتشجيعه لي ووقوفه بجانبي ماديا ومعنويا حتى تخرّجي من الجامعة، وكذا أمي التي كانت تسهر على راحتي وتحاول قدر جهدها أن تجعلني أتفرّغ لدراستي ولو على حساب راحتها وصحتها، وإذا كان وراء كل رجل عظيم امرأة فإن وراء كل فاشلة قد يكون رجلا،فأتقدّم بشكري لزوجي الذي تكفّل ماديا بطبع كتبي وكذا لتفهمه وسعة صدره وإتاحته هذه العوامل التي تغذيها الثقة الكبيرة بيننا.
❊ كيف ترين واقع الأدب الجزائري اليوم خاصة والكتابة النسوية عامة؟
❊❊ أنا لا أرى داع لطرح قضية المرأة الأديبة في الجزائر تحت بند “الأدب النسوي” كأنها طفرة، لأني أرى أن الأدب على غرار غيره من الفنون يعبر عن حالة إنسانية وتفاعل نفسي شعوري لاشعوري واجتماعي، وموهبة وصقل، بغض النظر عن جنس كاتبه سواء أكان رجلاً أو امرأة، فمثلا كلنا نشعر أن الرقص فن نسوي لكن نجد أن الرجال أيضا يرقصون والتمريض والتربية مهن أقرب لفطرة المرأة و بنيتها النفسية لكن دخل الرجل هذه المهن..لكن أكيد أن الحاجة إلى أدب نسوي يعبر عن المرأة وقضاياها أكثر إلحاحا من التعبير عن قضايا الرجل، لذا نجد حتى معظم الكتاب الرجال وقفوا مساندين للمرأة وقضاياها، وأكيد لن يعبر أحد عن قضاياها أحسن منها (ما حك جلدك مثل ظفرك).
  ❊ كيف يتعايش الأديب والمبدع الجزائري مع الغربة؟
❊❊ أجل دون شك الكتابة خير أنيس في الغربة، فمن ألم الحنين والشوق للوطن والأهل والأحبة تولد أجمل النصوص، ويبقى الوطن ساريا في الوريد ساكنا في أعماق الذات مهما رحلت أو حللت، ولن تذرك مقدار حبك لوطنك إلا يوم تبتعد عنه.
❊ ماذا عن المنافسة الأدبية اليوم هل هي قائمة على الأسس الصحيحة؟
❊❊ على ذكر المنافسة بين الكتّاب، أكيد كأي مهنة أخرى المنافسة لابد منها لكن بما يخدم الأدب وليس لخلق الكراهية والعدائية بين الكتاب والأدباء، وتكون المنافسة شريفة وحضارية بتقديس الكتابة وليس بمحاربة الزملاء والسعي لتفريغ الساحة الأدبية بالإقصاء.
❊ ما هي إصدراتك؟ وماذا عن النشر بالجزائر؟
❊❊ فضّلت التّعامل مع دار نشر جزائرية برغم كوني تلقيت عرضا من دور أخرى كـ “همسة المصرية” مثلا، حتى يكون أول من يقرأ كتبي هو القارئ الجزائري.
صراحة لحد الآن الأمور تسير بخير مع دار إبن الشاطئ بجيجل رغم أن التعامل يتم عن بعد، ويبقى التسويق ربي يسهل فيه إن شاء الله وإصداراتي التي ستنزل السوق قريبا جدا هي: “بحيرة الرب مجموعة قصصية”، “لعنة الفرعون رواية” و«تراتيل سيدة العشق شعر وخواطر”.
❊ تهتمين أيضا بالنقد الأدبي، هل هو متواجد فعلا في المشهد الثقافي الجزائري، الذي يشهد زخما كبيرا من الإصدارات؟
❊❊ أظن أنّ إشكالية النقد الأدبي في الجزائر هي عدم وجود نظريات فلسفية نقدية ومرجعية منهجية توضح هدفه، وبالتالي لا وجود لنقّاد متخصّصين، ومن هنا يلج ويمتهن النقد كل من شاء بوعي وأمانة نقدية أو بغيرهما، وهذا يؤدّي لتدخل الذاتية والإسقاطية في العمل النقدي، فكل ينقد حسب هواه وحسب ما يخدم مصالحه ويصبح النقد وسيلة إقصاء وتصفية حسابات، ويصبح الناقد عدوا للكاتب لا مكملا له، فكاتب الشعر العمودي مثلا يهاجم الحر وكاتب الحر يهاجم التقليدي، وكل يحاول الإتيان بحجج تقنع المتلقي بأفكاره وتجلب القراء لكتاباته على حساب غيره، وهذا يخلق نوعا من التعصب والمنافسة غير الشريفة والسعي للاحتكار الأدبي إن صحت التسمية، ناسين أو متناسين أن مهمة النقد الأولى هي تذليل الصعاب للقارئ وتبسيط النص وتوضيح أفكاره وعبره، وبما أن النقد ليس علما دقيقا فيصعب ضبط العملية إلا من خلال ذوق الناقد وضميره طبعا.
❊ وماذا عن مشاريعك المستقبلية؟
❊❊ مشاريعي المستقبلية هي رواية “الآلهة الزجاجية والثالوث”، والتي ستدخل المطبعة قريبا. تغوص الرواية بصفة عامة في أعماق طبقات الذات الإنسانية بكل تناقضاتها ومظاهرها وبواطنها من خلال ثالوث الرغبة والحرمان والخطيئة وبصفة خاصة ومشاكل المجتمع الجزائري وبنيته السوسيو-لاهوتية، وكذا ديوان شعر وخواطر لم أختر له عنوانا بعد، كما تلقيت عرضا من دار نشر لكتابة أدب الطفل.
 كما أقصد باللاهوتية هنا الأعراف وما تمارسه من سلطة تعسفية في توجيه سلوك الفرد، بحيث سلطتها الرادعة سلبا أو إيجابا تكون أقوى من سلطة القانون
والدين، فتكوّن تلك التراكمات نوعا من الطابوهات  واللاهوت كدين مواز يصعب التخلص منه.
❊ كلمة أخيرة؟
❊❊ أتقدّم بجزيل شكري إليك ولجريدة “الشعب” على هذا الحوار الشيّق جدا، الذي أتاح لي فرصة التواجد بين أهلي، فبرغم كوني كاتبة في أكثر من ستين مجلة إلكترونية وورقية عربية من مصر والعراق وسوريا والمغرب، إلا أنّي أشعر اليوم بسعادة خاصة لا توصف ولا تقارن لأنّ من سيقرأ عنّي هو أخي وأختي وجاري وقارئي الجزائري أين ما كان بأي نقطة من الشمال إلى عمق الصحراء.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19526

العدد 19526

الأربعاء 24 جويلية 2024
العدد 19525

العدد 19525

الثلاثاء 23 جويلية 2024
العدد 19524

العدد 19524

الإثنين 22 جويلية 2024
العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024