كانت سهرة رمضانية مميزة تلك التي احتضنها مطعم البستان بغابة الأقواس ليلة السبت إلى الأحد، وقدّم فيها الثنائي المبدع مزيان وشيبان جديدهما الفني، مركزين على أول سينغل من ألبوم «ميلومانيا» تحت عنوان «يا بّا».. الأغنية التي صور الثنائي الشاب فيديو كليب خاص بها، اكتشفه جمهور من الإعلاميين والفنانين لأول مرة، في سهرة نظمتها «ف.ل. كوم» منتجة الألبوم.
بين الموسيقى العالمية والجذور الموسيقية الجزائرية، يقترح الثنائي المبدع مزيان عميش وأمين شيبان طبقا متنوعا من الألحان، بمختلف اللغات، العربية، الأمازيغية والإنجليزية والفرنسية، وعديد الطبوع من القبائلي إلى الراي إلى المغاربي إلى المانوش، والريغي التي ألبسه الثنائي حلّة جديدة لأغنية «تفضلي يا آنسة، يا امّ العيون الناعسة» للشاعر سليمان جوادي والفنان مصطفى زميرلي.. هذه الأغنية التي أدّاها مزيان وشيبان ببراعة على المباشر وقابلها وابل من تصفيق الجمهور وهتافاته.
أما كليب «يا بّا»، ومدّته 3 دقائق و50 ثانية، فيتطرق بطريقة خفيفة وهزلية في بعض الأحيان إلى الرغبة الجارفة للشاب في الخروج من بوتقة العائلة، والطيران بأجنحته الخاصة، وقد صوّر الفيديو كليب بطريقة بسيطة وتقنيات عالية في نفس الوقت. وتنبئ هذه الأغنية بمستوى جيّد للألبوم ككلّ، والذي ينتظر أن يتضمن 10 أغان، وهو ما يراهن عليه فتحي لعيدوسي صاحب «ف.ل. كوم» المنتجة لهذا المشروع، الذي استثمر في الإبداع الفني للثنائي شيبان ومزيان بداية من سنة 2012.
وتعتبر مؤسسة المنتج الشاب فتحي لعيدوسي حالة متفرّدة في المشهد الموسيقي الجزائري، إذ أنها نتاج صيغة تشغيل الشباب أنساج سنة 2010، كما يمكن أن نلاحظ اعتماد هذا المنتج على الاستعانة بممولين خواصّ، مع إصراره على تقديم عمله بطريقة احترافية، وهو ما يندرج ضمن السياسة الثقافية الجديدة للوزارة التي تجمع بين المجهودين الثقافي والاقتصادي.
ويعتبر مزيان عميش واحدا من أصغر المؤلفين والملحنين والفنانين الجزائريين. بدأت مسيرته الإبداعية في سن الخامسة عشرة حينما كان ضمن فرقة تؤدي الراب، ثم قاد فرقة «كارافان سراي» ما بين 2010 و2012، قبل أن يصير مغني فرقة «إفريقيا سبيريت» (روح أفريقيا) إلى غاية 2015، ومن نقاط قوته قدرته على أداء العديد من الألوان الموسيقية.
أما زميله في الثنائي، أمين شيبان، فهو أيضا كاتب كلمات وملحن ومؤدّ. وعلى غرار مزيان، فقد بدأ أمين مسيرته الفنية في سن الخامسة عشرة وفي موسيقى الراب. وكان عضوا في فرقة «ديوان دزاير»، وشارك في العديد من المهرجانات والحفلات. كما كان قائد فرقة «ماتوش Matouche» التي كان قد أسسها في المغرب، وهي فرقة تؤدي مزيجا من موسيقى المانوش والجاز.
ونحسّ من خلال أعمال مزيان وشيبان، بأن المشهد الموسيقي الجزائري يتغير بسرعة كبيرة، ويعرف صعود أصوات شابة من شأنها أن تفرض نفسها في المستقبل القريب، خاصة مع انفتاح الشباب على موسيقى العالم.. ولعلّ النقطة الإيجابية في إبداعات هؤلاء الشباب، أنهم ينخرطون في هذا الانفتاح على الآخر، دون التخلّي عن اللمسة الجزائرية المحليّة، لمسة هي بصمة هؤلاء في الثقافة الإنسانية.