طابع الشعرية والحدث

في رواية “دار بين” المكملة لثلاثية الروائي توفيق المعموري

تقديم عدي العبادي

(درابين) عنوان أختاره الروائي توفيق حنون المعموري لروايته الثالثة والتي تعد الرواية المكملة لثلاثيته التي أعلن عنها مسبقاً بعد أن إصدر روايتين هما: (الخلوي) عام  2013 و(للهروب خطوة أخرى) عام 2014، والرواية الثالثة جاءت بعنوان (درابين) والتي صدرت أواخر عام 2015 عن دار جان – ألمانيا بـ (187صفحة) من الحجم المتوسط.
 حملت الروايات الثلاث طابع الغربة ومعاناة الهجرة، حيث ضمت تجربته. وكان حضور المكان ملحوظا في النصوص الثلاثة حيث نجد اهتمام الروائي برحلته في الكتابة كما اهتم بوصفه ادق التفاصيل من غير إن يترك إي حيز دون ان يشغله والملفت للنظر ان الروايات تنتهي بشيء من الإحباط قد يكون انعكاس لحالة الغربة التي عاشها الكاتب فهو سافر وتغرب عن وطنه واصدر رواياته بعد ان استقر في بلده اختلفت (درابين) عن أخواتها السابقات فهي شعرية أكثر ذات مضامين معرفية تمثل خلاصة ما يمر به المعموري مع الاهتمام بالحدث اي واقعية فنية وفيها من عناصر الدهشة التي تجعلك امام عمل ناضج يقول في احد اجزائها:
من جيب من جيوب ذلك الليل الحالك هبط زاهد الى هذا المكان توا ليضع نفسه في صحو جميل قادما من تلك الدربونة المتشحة بغبار الزمن تختلط في نفسه كل الأنفاس الطيبة في مدينته على جانب الفرات يحدوه أمل في ان يتم دراسته ليكمل المشوار الذي بدأه اخوه زكي ولم يتمه.
يصور لنا الروائي مشهدا صامتا عن زاهد وهو بطل روايته ومحورها الذي كان مغترب وعاد، وصف الكاتب التفاصيل كاملة ليضعنا بالصورة وهذا أللون اقرب لما كان يكتبه الروائي المصري نجيب محفوظ، حيث ينقل الحدث كاملا لكي تكتمل الفكرة التي اشتغل عليها حتى ان احد المخرجين، قال ان روايات نجيب محفوظ سيناريو جاهز ونجد المعموري يسرد عن زاهد ما يعبر عن شعوره وما يرمي له لكن سرعان ما ينتهي الموضوع لينتقل الى ما يرمي له انها عملية بناء متصل في وحدة المضمون نعرف ما طرحه.
   والرواية كما هو معروف أكثر الأعمال الأدبية التي تعيش مع المتلقي بسبب الدراما وهي أطول الأجناس الأدبية وقد تتنوع كتابتها في اسلوب المنتج، حيث هناك واقعية وخيالية وعاطفية وشاعرية وهناك من تجمع بين الشاعرية والحدث مثل رواية  (درابين) يقول كاتبها في جزء ثانٍ:
هل عرف كيف استطاع النوم وهل نام فعلا أم انه قد اصابه الوسن في غفوته المزعومة فرآها كانت تسرّح شعرها تمنى ان ينهض من مكانه ليوقد الشموع عله يراها بوضوح وعلى نور شاحب كانت تنتصب أمامه فاجأته رائحة عطرها الفواح الذي كان عهده به وهو يضوع في الأرجاء لم يتوقف لم يصرخ ولم يمض نحوها كان ثمة من يدفعه الى الخلف لكنه اخيرا وجد نفسه يبوح لها بصوت مختنق وهي تحدق في وجهه ...
تظهر الشعرية في هذا النص بارزة من خلال ملامحه مع لغة عميقة تحيلنا الدلالة الى ان السارد يحاول بناء شعري بطريقة روائية معتمدا على قدرته في الإبحار في عوالم الإبداع الفني وتوظيف المفردات. ومن خلال هذا النص فهم ابداع شخصية المروي عنه فهو مرتبك عاشق حالم وهناك صراع نجد في اغلب كتابات المعموري بين حب وضياع وتشتت ففي رواية الخلوي كان سالم الشاب الفقير الذي اغترب باحثا عن عمل خارج وطنه فيقع في حب الفتاة بَسْمَه انها رسالة او اطروحة يقول من خلالها الكاتب ان الحب لا يعرف الظروف ويولد في اي وقت وكان انتقالة جيدة برع في التحول من الهيام الى مصارحتها، وتعد عملية الانتقال في النص مهمة حساسة فيجب على الكاتب إقناع القارئ بواقعية ما يجري، لأنه المخاطب في العمل والشريك الثاني على ما ذهب الى هذا الكاتب العربي سلماوي  .. درابين .. رواية ممتعة ومكتملة فنيا تحتاج الى قراءة معمقة.  

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024