«الشعب»: تهانينا بالمشروع الجديد القديم ومشاركتك في المسرح المحترف؟
محمد ديدة: أولا شكرا على الاستضافة، أنا لا أقول عودة ولكنها استراحة محارب، تعرف أن الإبداع لا مواقيت له ولا زمن محدد، أنا دائما أبدع إن لم أكن على الورقة ففي مخيلتي، أبدع وأنا أمشي، أبدع وأنا أتأمل وأبدع ...، الكتابة هي غذائي وهي متنفسي، وأنا منذ نعومة أظافري وأنا أكتب ولكن لم أجد ورقة وقلما ومحبرة صغيرة ولا وسلية كتابة أفرغ فيها مكنوناتي، أنا من أسرة مثقفة وبيتنا الجماعي كله إبداع وفن، رسم وكتابة، فالمشروع الذي تتحدث عنه قديم قدم ولادتي.
ما سر «موسوسارا» التي استفزت مخرج مثل شوقي بوزيد؟
لا أبدا شوقي بوزيد لم يغادر المسرح على الأقل بوجدانه ولكن لم يقتنع بنص قوي يبقيه في عليائه المعتاد، وأنا الذي تشرفت باعتماد نصي «موسوسارا» على يد شوقي بوزيد العنيد الذي لا يقبل الركاكة وتدني المستوى، روايتي مستمدة من لغة البمبارة الأإفريقية والتي تعني المرأة الجميلة، والرمزية هنا توحي إلى اغتصاب إفريقيا،اغتصاب لأرضها وخيراتها، مع أنه لا ظهور للمرأة على الخشبة، ولكن الحبكة في النص تتمثل في جلاد افريقي يجلد أبناء بلده، وإرغامهم على العمل مجانا لخدمة الرجل الأبيض الذي يغتصب الثروات، والجلاد له أخت إسمها «موسوسارا» يخطبها شخص من بني جلدتها لكن الأخ الجلاد يريد تزويج اخته لسفاح أبيض، هنا الرمزية، هنا الدلالة. وحتى البعد السيميائي للكلمة يبقي المتلقي في حيرة ويتابع القصة إلى نهايتها ومن ثم يشتاق المتلقي للقصة وإلى التعمق في بعد إفريقيا.
أين يكمن جمهور الرمزية؟
سؤال وجيه، طبعا الرمزية مدرسة أدبية قائمة بذاتها، وأقول أن لكل مدرسة جمهور، وهنا الرمزية ليس بشرط أن يعيها المتلقي في حينها أي أثناء العرض أو الكتابة، وهي تتطلب نباهة وذكاء، فمثلا الرسم الكاريكاتوري يقرأ في حينه على أنه فكاهة ولكن بعد التأمل تقرأ رمزيته وهكذا، والرمزية ليست معقدة كما يتراء للبعض ولكنها تحتاج إلى تركيز.
ما سر استفزازك للمخرج المسرحي شوقي بوزيد؟
قلت لك أنه ربما قوة النص ورمزية القصة، وطريقة تناول الموضوع كلها عوامل استفزت شوقي بوزيد، الذي اعترف بالاستفزاز، وهي قوة لي وتحفيز لمواصلة الإبداع والكتابة أنا كذلك تم استفزازي للتفكير في كتابات ونصوص لا تزال خام في مخيلتي، وقصة «موسوسارا» استفزتني بعد إكمالها وشجعتني على المواصلة والمثابرة.
ما قصة شح الساحة من كتاب للنص المسرحي؟
لا..لا. أنا أخالفك الرأي يوجد كتاب كثيرون يكتبون للمسرح ولكن التغييب الإعلامي واستحواذ قلة على نشر هذه الكتابات لما لها من نفوذ واستحواذ هو ما أدى إلى ظهور أعمال قليلة اعتقد البعض أن كتاب النصوص الدراماتيولوجية قد أفلوا، أعرف الكثير من هؤلاء الكتاب الذين سئموا التوسل الكتابي أي يكتبون ثم ينتظرون حتى تضمر القصة أو الرواية ويتداركها الزمن، إذن النص موجود والمسرح موجود ..لكن محلات اللمحات، والقراءة غير المتخصصة والتجارة بالنصوص ببخس الأثمان كلها أدت بالمسرح إلى ما هو عليه.