ترى القاصة نسيمة بن عبدالله، إن توظيف التراث عالم يمتزج فيه الواقع بالخيال الحاضر بالماضي بالمستقبل . . هو في نبضنا . . في كلامنا . . في صمتنا. في مأكلنا ومشربنا. . في ملبسنا ومسكننا . . في حركاتنا وسكناتنا . . . هو روح السابقين التي تنتعش فينا وتهب لحياتنا رونقا أخاذا. . هو حياة تختلجنا وإن حاولنا أن نتنصل منها، فإنها تظل فينا حيثما رحلنا فالتراث ليس أدبا نقرأه ونمر بل هو حياة نعيشها.
عن دور الأديب والمثقف تقول نسيمة: الكاتب لسان عصره وذاكرة الماضي التراث، وإن أبى فهو يظهر في كتاباته، وأقول دائما أن روح الأجداد تتحرك في نصوصي ففي قصة ـ أنوثة - من مجموعتي القصصية - حب في الكف ـ، حيث تقول الأديبة في هذا السياق : أغوص في عمق الريف الجزائري حيث تطغى رائحة البخور وبركة الأولياء والصالحين الذين تنسدل روحهم على المكان، فتحاول الأجساد وهي تتهادى في رقصات الفرسان الارتقاء إلى ملكوتها، فيمتزج الحلم بالحقيقة وتصير مبروكة الأنثى الحلم الذي يأتي من الماضي فارسا مغوارا يفجر في الحاضر لرغبة حرية.وتتحدث في سياق متصل، عن امتزاج التراث الانساني في بعض أعمالها، ففي قصة ـ جرس كونغاي ـ يمتزج التراث الانساني فتلتقي أنفاس الشرق بالغرب، وترحل قسنطينة مع البطل إلى مدينة الضباب، فتدخل غرفته مزينة بالفتلة وخيط المجبود، ومعطرة بماء الورد وعنفوان الجسر الذي يخبيء حكايا العاشقين نهارا ليسردها ليلا للأسياد والعابرين وفي مجموعتي القصصية الأولى ـ كلمات تحت الشمس ـ تظهر في قصة ـ نار تحت الرماد - الأساطير التي تسكن مخيلتنا الشعبية كتراث شفوي توارثناه أبا عن جد . . تزودنا بعوالم فيها الكثير من المتعة والجمال فنلج عالم الحلم والخيال.
وتعود بنا الأديبة إلى زمن الحلاج، حيث تقول: وفي قصة خلف ـ خلف الستار ـ من نفس المجموعة يظهر الحلاج من بين الجمهور. . يعلن حضوره الذي يتحدى الموت كما التراث الذي هو الجذور التي تستمد منها الشجرة نماءها فتمتد في عمق الأرض وتتفرع أغصانها معانقة عنان السماء. وعن مساهمة أديبات الجزائر في توظيف التراث في إبداعهن تقول: أن كاتباتنا من مختلف الأجيال يظهر التراث في كتاباتهن، كما الأديبة زكية علال التي وظفت التراث العربي من خلال صورة بغداد بكل تجلياتها في روايتها : عائد إلى قبري.