أعمال ومسرحيات الراحل بنظرة شبابية معاصرة
تشهد مدينة وهران، بداية من يوم أول أمس، وعلى مدار 3 أيام، تظاهرة ثقافية فنية، تخصّ أحد أعمدة الفن الرابع، الراحل عبد القادر علولة الذي اغتالته أيادي الإرهاب في ذات الـ10 مارس 1994، في ليلة رمضانية كان متوجها فيها إلى اجتماع للجمعية الخيرية التي كان يترأسها والتي كانت تشرف على تحسين ظروف نزلاء المركز الاستشفائي للأطفال المصابين بالسرطان، الواقع مقره بحي “الحاسي” بوهران.
التظاهرة التي تنشطها فرق مسرحية شبابية لممثلين محترفين وهواة، معروفة باسم “ أيام عبد القادر علولة”، إذ يحتضن طبعتها الثالثة هذه، المسرح الجهوي الذي يحمل اسم “أسد وهران”، وتهدف إلى استذكار أعمال الراحل الخالدة بنظرة جديدة لعشاق فنه وأسلوبه المتميز و الهادف.
كان لجمهور علولة وهواة الفن الرابع ولثلاثة أيام على التوالي فرصة لـ مشاهدة جزء من الإرث الكبير الذي خلّفه الراحل، من خلال مسرحيات تقدمها فرق شبابية بلمسة ونظرة عصرية كانت حتما ستسّر أسد الركح و هو الذي يهوى الابداع والاسلوب المتميز و إضافة اللّمسات الخاصة على كل عمل يقوم به جاعلا من كل مسرحية قدّمها تحفة فنية خالدة
والمناسبة أيضا فرصة للتذكير بخصال الراحل والقيم الإنسانية لعلولة الذي كان يصغي دائما إلى الآخرين ويكنّ حبا كبيرا للأطفال المصابين بالسرطان، حيث كانت زياراته إلى مركز علاج الأطفال المرضى بالسرطان في الحاسي (وهران) تشكّل لحظات مميزة وتدخل الفرحة في نفوس أولائك الصغار المصابين.
قتل علولة غدرا، قالت سيدة وهرانية، بنبرة ثائرة يغذّيها الحزن والأسى والغضب، اغتيل “أسد وهران”، ولا زالت تلك الصورة مرسومة لحد اليوم في أذهان كل من عايش العشرية السوداء ومآسيها المتكرّرة، لكن الإرهاب الذي فكّر أنه قادر على إسكات الصوت الجهوري، الذي كان صداه يزلزل الركح حين يعتليه، وإخماد موهبة المولع بالكتابة والإخراج المسرحي والتمثيل القوي والمقنع والكلمة الملتزمة التي كانت تضرب في الصميم.
لكن كانت النتيجة أن صوت علولة لم يخمد ولم يسكت، بل ذوى أكثر وأكثر ليجعل من المسرحي المتمكن شهيدا للركح تتداول الأجيال عليه، حتى تلك التي لم تتسن لها الفرصة لمعرفته، ومعرفة أعماله ومسرحياته، مخلدين بذلك ذكراه إلى الأبد.
ولد المرحوم عبد القادر علولة، في الـ 8 جويلية 1939 بمدينة الغزوات بولاية تلمسان، عُرف بحبه للمسرح منذ صغره، فأوقف دراسته الثانوية سنة 1956 ليتفرغ لهوايته وحبه للفن الرابع حيث التحق بفرقة الهواة “الشباب” بوهران، ليشارك بعدها في دورات تكوينية، ويمثل العديد من الأدوار، حتى وصل به المطاف سنة 1962 وهو ضمن الفرقة المسرحية الوهرانية الى اللعب بمسرحية “الأسرى” المقتبسة من رواية بلوت.
وبعد انخراطه سنة 1963 كممثل بالمسرح الوطني الجزائري، شارك أسد وهران في العديد من المسرحيات نذكر منها “أطفال القصبة” و«حسن طيروو”، “ورود حمراء من أجلي” (لشين أوكازي) و«ترويض المرأة الشرسة” لشكسبير، كما شارك سنة 1965 في مسرحية “الكلاب” لتوم برولين.
ولعلولة رصيد غني في مجال الإخراج المسرحي، حيث أخرج سنة 1964 مسرحية “الغولة”، ثم مسرحية “السلطان الحائر” سنة 1965 و«النقود الذهبية” في 1967 و«نومانس” بالفصحى سنة و«الأعماق السفلى” سنة 1982، كما كانت له تجربة جد ناجحة في تأليف وإخراج مسرحيات “العلق” سنة 1969 و«الخبزة” عام 1970 و«حمق سليم” في 1972 و«حمام ربي” و«حوت يأكل حوت” سنة 1975.
ومن أشهر أعمال علولة ثلاثية “القوال” سنة 1980و”الأجواد” عام 1984 و«اللّثام” في 1989 و«التفاح” 1992، و«أرلوكان خادم السيدين” سنة 1993، كما له تجربة اقتباس خمس قصص للكاتب التركي عزيز نسين وهي “ليلى مع مجنون” و«السلطان والقربان” و«الوسام” و«شعب فاق” و«الواجب الوطني”، وفي كتابة السيناريوهات السينمائية السينما لفيلمي “غورين” (1972) و«جلطي” (1980)، الى جانب أدوار في أفلام وتعليقات، ليشكل بذلك فنانا شاملا متعدد الهوايات والمتمكن بامتياز في العديد من المجالات ...