غياب الاحترافية في التصوير السينمائي سبب الركود
أكد المخرج السينمائي عبد الرحيم العلوي، أن الجزائر عرفت منذ سنة 1999 نهضة حقيقية في مجال الفن بكل جوانبه، غير أن هذه الأخيرة، لم تكن مرفوقة بالاحترافية المنشودة، الأمر الذي جعل بحسب تصريحاته من منبر «ضيف الشعب»، الفيلم السينمائي الجزائري في حاجة ماسة لتخطي الحدود وخوض تجربة المنافسة، من خلال مشاركته في المهرجانات و المسابقات الجهوية والإقليمية والدولية، كما تحتاج أيضا صناعة الأفلام السينمائية إلى تكوين قوي ومحكم للعاملين بها خاصة في الجانب التقني
اعتبر مخرج فيلم «ذاكرة الأحداث»، أن «عالم السينما يفتح في حد ذاته الحوار ويحفظ الذاكرة، وهو حصن متين ضد النسيان، فقاعة السينما تعتبر مكان للثقافة، فمشاهدة الفيلم هي بمثابة قراءة لكتاب، فالسينما يتغذى من الأدب والأدب يتبلور من خلال السينما، لتبقى العلاقة بين الاثنين رابطا قويا ليمكن الاستغناء عنه، مضيفا أن «الفكرة الأدبية تعبر عن أشياء غير ملموسة، لكن الفكرة المجسدة بالصورة فهي تتعلق بالملموس.
أكد المخرج في ذات السياق أن « وجود المهرجانات، هو مناسبة لصناع الفيلم للاحتكاك بالآخرين و الاستفادة من تجاربهم و التعرف على تقنيات أخرى، كما أن مشاركة الفيلم الجزائري في هذه التظاهرات قد يتيح أمامه فرصة إيجاد موزعين عالميين، يهتمون بالتعريف به في الخارج، على شرط أن يكون ذا جودة عالية و يستجيب للمقاييس من جهة السيناريو والتركيب والإخراج».
في رده على سؤال متعلق بمدى أهمية إخراج الفيلم من الحدود الجزائرية، أجاب العلوي قائلا:»إن الفكرة أساسا هي تصدير الثقافة الجزائرية، وهو هدف كل البلدان فالتصدير يكون أساسا بهدف التعريف بثقافة هذا البلد وهويته و أفكار أبنائه، وأنا لا أقول التصدير عن طريق التوزيع فالمهمة صعبة إذا ما أخدنا بعين الاعتبار المقاييس والمعايير القوية التي تتبعها صناعة الأفلام في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، بل من الممكن إخراج الفيلم عن طريق شبكة الجمعيات المتخصصة، اللقاءات، الأسابيع الثقافية على أن يكون بحسب المعايير و هادف».
مع العلم أن الساحة الفنية تفتقر مؤخرا إلى الكم من الصناعة السينمائية، لم يستثني المخرج «وجود أفلام جزائرية عالية الجودة، على غرار الأفلام لأخضر حمينة، علواش، بوشوشي وغيرهم ممن مثل الجزائر بجدارة في العديد من المحافل الدولية» .
العلاقة وطيدة بين الإخراج السينمائي وكتابة السيناريو
بخصوص العلاقة بين الإخراج السينمائي و كتابة السيناريو ومهن التصوير والإخراج وتركيب والإضاءة و غيرها، أكد العلوي قائلا، «أن صناعة الفيلم السينمائي ترتكز أساسا بل تنطلق بداية من السيناريو ليتدعم أكثر فأكثر باحترافية المهن الاخرى، مشيرا أن مجال الفن السابع يعيش اليوم هذا الركود المسجل بسبب غياب الكتابة الحقيقية للسيناريوهات، وانعدام التكوين الجيد لمهن التصوير والتركيب في الفن السابع».
وأضاف المتحدث قائلا في ذات السياق: « نأخذ على سبيل المثال سيناريو فلمي «أحداث الذاكرة»، فقد اعتمدت على سيناريو الذي كتبه احمد بن كملة، ولتكييفه مع الفيلم، أخذنا من الوقت قرابة 5 سنوات لتتمة كتابة السيناريو وبعد أن قدم أمام لجنة القراءة التي كان يرأسها أنذاك أحمد بجاوي، تمت المصادقة عليه، لكن لم ينته العمل هنا بالنسبة لي، فقد كنت أحس في أعماق نفسي أن شيئا ما ينقصه، كوني إنسان أحب الدقة والكمال في العمل، فسافرت إلى فرنسا واتصلت بتقنيين مختصين في قراءة السيناريو يعملان كمستشارين، والذين قاموا بدراسة السيناريو وتقديم الملاحظات التي ناقشتها معهم في جلسة مغلقة لمدة 3 أيام، حتى تم العمل بالطريقة التي كنت أريدها.
وشدّد المخرج في ذات الشأن على أن التقنيين اليوم في حاجة إلى تكوين جاد ومكثّف، فما تعرفه السينما اليوم من غياب للتداول وانتقال التجارب من جيل إلى جيل والاعتماد كثيرا على الصورة الرقمية والتكنولوجيات الحديثة التي ساهم في تسهيل المهام وخلق نوعا من التهاون في إتقان الحرف المتعلقة بصناعة السينما.»
وفي كلمته الأخيرة الموجهة للشباب، فضل العلوي القول أن «المهنية تحتاج لمن يحبها ويتحلى بالصراحة و صحوة الضمير، الشجاعة وأن تكون له شخصية و مبادئ سامية يؤمن و يعمل بها، وهو في حاجة أيضا لحس مرهف يقدر أن ينقل به ما يريده إلى الجمهور، و كل من يريد أن يكون مخرجا لابد أن يتحكم في دور الريادة والقيادة».