شكل عرض فيلم “جبل باية” الناطق بالأمازيغية مساء أمس الاثنين بقالمة نافذة للجمهور الحاضر للتعرف على جوانب من معاناة سكان منطقة القبائل الكبرى مع الممارسات الاستعمارية وتمسكهم الوثيق بالعادات والتقاليد المتوارثة. ولاقى هذا الفيلم الطويل لمخرجه الراحل عز الدين مدور خلال عرضه بدار الثقافة عبد المجيد الشافعي ضمن فعاليات الاحتفال برأس السنة الأمازيغية 2966 إقبالا معتبرا من الجمهور العريض من مختلف الفئات الاجتماعية والتي وجدت في هذا العمل السينمائي فرصة مواتية للعيش عن قرب مع التراث الثقافي الغني الذي تزخر به منطقة القبائل خاصة في ظل وجود أعضاء القافلة الثقافية يناير التي قدمت من الجزائر العاصمة تحت إشراف المحافظة السامية للأمازيغية و ضمت 17 عضوا.
وتتلخص قصة الفيلم الذي صاغ فكرته الرئيسية وأخرجه في نفس الوقت المخرج الراحل مدور الذي توفي سنة 2000 بعد 3 سنوات فقط من إنجازه هذا الفيلم في حكاية تدور فعالياتها خلال السنوات الأولى من التواجد الاستعماري في الجزائر وتصور قصة “باية” المرأة الجميلة الأصيلة التي قتل زوجها أمام عينيها من طرف ابن البشاغا الموالي للمستعر الفرنسي والذي يريد فيما بعد إجبارها على الزواج منه.
غير أن باية ظلت لعدة سنوات صامدة في وجه كل الأصوات التي تريد دفعها إلى قبول هذا الزواج بما فيها سكان القرية الذين أهلكهم حرمانهم من أراضيهم وتهجيرهم منها من طرف المستعمر ومعاونيه ومنهم البشاغا أب القاتل كما أنها بالمقابل بقيت متمسكة بروح الانتقام لموت زوجها من خلال إعداد ابنها الوحيد لهذه المهمة والتي نجح فيها بالثأر لأبيه المهدور.
وقد تمكن المخرج من نقل المشاهدين على مدار ما يقارب ساعتين من العرض إلى تفاصيل تعلق سكان منطقة القبائل الوثيق بعاداتهم وتقاليدهم ومنها موضوع الوفاء للزوج ومقاومة المستعمر والتعلق بالأرض والتكافل الاجتماعي الذي يظهر من خلال التعاون في بناء المنازل وممارسة النشاط ألفلاحي بشكل جماعي.
ويندرج عرض رائعة “جبل باية” ضمن برمجة عدة أفلام للعرض من فعاليات الاحتفال بعيد “يناير” بقالمة و ذلك بالتنسيق بين مديرية الثقافة للولاية و المركز الوطني للسينما والإنتاج السمعي البصري ومنها فيلم “ الكاذب” لمخرجه علي موزاوي وكذا “البيت الأصفر “ لمخرجه عمور حكار.
وإلى جانب المحور المتعلق بالعروض التي ستختتم بعرض مسرحية “صوفونيسبا” للمسرح الوطني محي الدين بشتارزي بعد يوم غد الأربعاء فقد عرف البرنامج الرسمي للاحتفال بالمناسبة تنظيم معارض للأكلات الشعبية والتقليدية والزرابي والحياكة والأواني الفخارية والمنشورات والكتب الصادرة باللغة الأمازيغية و ذلك بقاعة العرض لدار الثقافة بحضور السلطات المحلية وممثلي القافلة الثقافية “يناير”.
