الدكتور عاشور فني في سهرة رمضانية

“الشعب” مشتله الأقلام الجزائرية الإعلامية والثقافية

نورا لدين لعراجي

نشط الدكتور عاشور فني خلال استضافته في منتدى الشعب، لقاء مفتوحا تحدث من خلاله عن تجربته الإبداعية في الكتابة الشعرية، مساهما في بناء المشهد الثقافي الجزائري، من خلال كتاباته ودواوينه التي تزخر بها المكتبة الوطنية، معرجا في حديثه عبر محطات كبرى ساهمت في صقل الموهبة الشعرية والأدبية، بدءا من قريته البسيطة المترامية الأطراف في الهضاب إلى الزاوية التي احتضنته طفلا يتعلم القراءة والكتابة على الواح خشبية، يكتب خطوطها بلون غير الحبر الذين يكتب به أقرانه من أبناء المستعمر، مداد هو مزيج من القطران وبعض الحسكة الممزوجة في صوف النعاج يقال لها السمق، توضع في زجاجة يقال لها الدواية .
هي أبجديات تحمل ملكيتها الإبداعية والفكرية مناطق البؤس والفقر والحرمان والشجاعة والزهد والكفاف، هذه الخصال لا تجتمع إلا في أبناء الجيل الذي رفع تحديه بواسطة “لقلام” ذلك القلم الذي لا يخط إلا حروف الضاد، على لوحة خشبية  ترفع إلى السماء يقرأها الطلبة جلجلة وسرا .
حاول الأستاذ فني التطرق في بداية مداخلته إلى الحديث عن سيرته وتجربته في الحياة إلى أن وصل به القدر إلى الجامعة التي وجد فيها ضالته واقتنع أن المفارقة بين ماضيه وحاضره لا يمكن إلا أن تكون رافدا له ينهم منها كل متطلبات الحياة الجديدة، هذه الحياة التي وجد نفسه أمامها لا المدينة تشبه قريته ولا مقاعد الدراسة نفسها التي تركها خلفه في زاوية الشيخ الشهيد حمادوش
فهو الإنسان الذي وصف حياته بكل ما تحمله من هموم وتداعيات وإسقاطات على أنها هجرات ثلاثية الهجرات التي عرفها مساره التكويني والإبداعي .
ليكون الواقع أمامه عالم أخر، لابد وأن يسعى جاهدا لكي يكون له صوت ذلك الشاب القادم من قرى الجزائر العميقة، له طقوسه في العيش والحياة، له أشياءه الخاصة، له تراتيله الشعرية وكيف السبيل في إيصالها إلى الأخر ؟ هل يمكن لهذا القادم من الأقاصي أن يجد له مكانة في زحمة العاصمة آنذاك ؟ أسئلة كثيرة كانت حتما تبحث عن أجوبة مقنعة، لأنها في الأخير تمنح للدكتور عاشور فني خارطة الطريق لكل هذه العوامل المتداخلة .
فكك الشاعر فني المشهد الأدبي واضعا يده على الجرح في العديد من المسائل التي عرفها الفضاء،  كصراع الأجيال، مبرزا كيف كان صراع المجايلة  من منطلق المنظمات الجماهيرية ليشخص في حديثه واقع اتحاد الكتاب الجزائريين في فترة السبعينات.
اللقاء الذي امتد إلى ساعات الصباح الأولى كان فيه النقاش مثمرا من خلال المداخلات والأسئلة التي طرحت من بينها تصنيف الأجيال الذي طرحه الشاعر والإعلامي إبراهيم صديقي ومنها ما تعلق بالكينونة من خلال السياق الفلسفي الذي يأتي به النص الشعري عند عاشور فني  وهو ما ذهب إليه الدكتور عمر بوساحة، فيما ذهب كل من السينمائي علاوة حاجي إلى طرح أهمية الوسائط الالكترونية المعتمدة لدى الشاعر فني، وأيضا هناك من طرح قضية التهميش التي تمس الأسماء الأدبية الكبرى في الجزائر وهو نفس التساؤل الذي قدمته الشاعرة سليمة مليزي .
بقدر ما كان اللقاء متنفسا للكثير من الأسماء الثقافية والإعلامية التي حضرت سهرة منتدى الشعب، بقدر ما كان استماعها لتجربة عاشور فني فيه الكثير من الدلالة والتميز اللذان صاحبا شخصيته وساهما في صقل هذه التجربة.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024