الباحث عبد الرحـمان برادي لـ “الشـعب”:

الحاجة إلى منهجية شـامـلة ترتكز على فهم دور الفـلســفة

تمنراست: محمد الصالح بن حود

أكّد الأستاذ الجامعي عبد الرحمان برادي، أنّ إعادة الفلسفة إلى مكانتها الحقيقية في الوقت الحاضر تتطلّب منهجية شاملة ترتكز على فهم عميق لدورها، بوصفها محفزًا للتفكير النقدي وأداةً لفهم أعمق للمجتمع والإنسان.

أوضح الدكتور عبد الرحمان برادي، المختص في فلسفة الأخلاق، في حديثه لـ “الشعب”، أنّ استعادة مكانة الفلسفة ليست مسألة نظرية بحتة، بل عملية شاملة تتطلب نهجًا متعدد الأبعاد. هذا النهج يهدف إلى تعزيز القيمة الفكرية والثقافية للفلسفة في المجتمعات المعاصرة، حيث تظل الفلسفة مصدرًا أساسيًا للبحث النقدي والاستفهام والتحليل العميق حول القضايا الكبرى المتعلقة بالحياة والمجتمع والمعرفة والوجود.
وأشار الأستاذ بجامعة الحاج موسى أخاموك بتمنراست، إلى ضرورة إجراء تغييرات جوهرية على المستوى الأكاديمي والإعلامي والمجتمعي، مثل تعزيز التعليم الفلسفي النقدي، والتفاعل مع العلوم والتكنولوجيا، وتعميق الفلسفة السياسية. وشدّد على أهمية تحرير الفلسفة من قيد الماضي، إذ إنّها ليست مجرد دراسة للتاريخ الفلسفي، بل أداة حيوية لمعالجة التحديات الحالية وبناء مستقبل أكثر عدلًا وإنسانية، بما يسهم في تحقيق التقدم الإنساني الشامل.
وأضاف المتحدث، أنّ هذه العملية تستوجب خطوات عملية، أبرزها مراجعة المناهج التعليمية لتعزيز التفكير الفلسفي، وذلك بإدراج الفلسفة كمادة إلزامية في المراحل التعليمية المبكرة (خاصة الطور المتوسط). وأكّد أن الأطفال والمراهقين يمكنهم التفاعل مع المفاهيم الأساسية مثل العدالة، الحرية، والمساواة، ممّا يسهم في غرس القيم الأخلاقية وتحفيز الفضول الفكري لديهم. وأوضح أن الفلسفة تُعد وسيلة لتطوير مهارات التفكير النقدي، وهو أمر ضروري في عصر يشهد تحديات فكرية ووجودية.
وفي ظل التقدم العلمي والتكنولوجي المتسارع، يرى الدكتور برادي ضرورة توجيه الفكر الفلسفي نحو معالجة التحديات التي تفرضها التكنولوجيا، من خلال طرح تساؤلات حول الاستخدام الأخلاقي لهذه التقنيات، وحماية الخصوصية في عصر البيانات الضخمة. كما أشار إلى أهمية فك الغموض المرتبط بالمفاهيم المتعلقة بالظواهر الاجتماعية مثل التنمية الاقتصادية، العولمة، التفاوت الاجتماعي، الذكاء الاصطناعي، الهندسة الوراثية وغيرها.
وأكد برادي أنّ الفلسفة تلعب دورًا رئيسيًا في مواجهة هذه التحديات من خلال تجاوز الموضوعات الكلاسيكية التقليدية التي تعيد الإنسان إلى الماضي، والانشغال بقضايا العصر الراهن التي تمس الواقع الإنساني.
واختتم حديثه، بالتشديد على ضرورة تعزيز دور الفلسفة في مكافحة الأيديولوجيات الضارة وأشكال التعصب التي تؤدي إلى الانغلاق الفكري. وأكّد أنّ الفلسفة، باعتبارها قائمة على الشك المنهجي، تُعزز البحث عن الحقيقة بعيدًا عن الأفكار الجاهزة، وتسهم في نشر ثقافة الحوار بين مختلف الرؤى والمذاهب، ممّا يعزّز السلام الاجتماعي ويساعد في بناء مجتمعات تتبنى فهم الآخر بدلًا من محاربته.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19680

العدد 19680

الأربعاء 22 جانفي 2025
العدد 19679

العدد 19679

الثلاثاء 21 جانفي 2025
العدد 19678

العدد 19678

الإثنين 20 جانفي 2025
العدد 19677

العدد 19677

الأحد 19 جانفي 2025