أكّد الممثل والمخرج المسرحي حليم زدام أنّ الهواية بمثابة الخطوة الأولى للولوج لعالم الإبداع والفنّ والمسرح ثمّ نحو الاحتراف، وأشار في تصريحه لـ«الشعب” إلى أنّها تبقى المدرسة الأولى التي تقدّم للمسرح خير رجاله، وهي تقوم على مبدأ الرغبة الشديدة للظهور وفرض الذات في المسرح من خلال الممارسة المستمرّة.
قال حليم زدام في مستهلّ حديثه “لا بدّ أن ندرس ونحلّل ظاهرة مسرح الهواة في الجزائر، كيف لا وهو خزّان ومنبع الفنّانين المسرحيين، فلا يمكن أن نتحدّث عن السيرة الفنية لأيّ فنّان دون أن نذكر مشواره أو بدايات أكبر المخرجين والممثلين في عالم مسرح الهواة.”
وأشار، إلى أنّ الفنّ عامة والمسرح خاصّةً هو في مهده هواية (حب الإبداع ومتعة في الاطلاع)، قبل أن يصبح احترافا ومهنة، فمرحلة الهواية ـ بحسب زدام- هي مرحلة المغامرات الفنية وهي كذلك بداية اكتساب المعرفة الفنية.
«وإذا أردنا الحديث عن مسرح الهواة في الجزائر يجب أن نتكلّم عن علالو وبشطارزي والقسنطيني..الخ من رواد المسرح الجزائري، لأنّهم كانوا أول من مارسوا المسرح كهواية ثم احترفوه مع مرور الوقت واعترف الجمهور بقدراتهم الإبداعية، إلى أن برز جيل آخر من المناضلين الشباب يريد أخذ المشعل من أمثال مصطفى كاتب وكاتب ياسين وعبد الحليم رايس وآخرون ممّن أسّسوا الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني بهدف التعريف بالثورة الجزائرية ومعاناة الشعب الجزائري في سبيل الحرية والاستقلال.” يقول المتحدّث.
وأضاف “وبعد الاستقلال أسّس في سنة1967 مجموعة من محبي المسرح أعرق مهرجان، وهو مهرجان مسرح الهواة بمستغانم، الذي ما زال لحدّ الآن يكتشف المبدعين ويموّل الساحة الفنية بممثلين ومخرجين مسرحيين.”
وأوضح الممثل حليم زدام، أنّ المسرح منذ بداياته في الجزائر وهو يواجه تحدّيات عدّة، بداية من تحدّي الاستعمار ومنع المسرح وكلّ نشاط يرتبط بالحركة الوطنية، وتحدّي الجهل والأمية في أوساط الشعب وذلك بالتوعية ونشر معالم الثورة، ثم بعد الاستقلال كان تحدّي البناء وتشييد الوطن من خلال تقديم عروض مسرحية هادفة.
كما أشار ذات المتحدّث، إلى أنّ الفرق المسرحية كانت دائما تحمل رسالة اجتماعية وسياسية تستمدّ طاقتها ومواضيعها من صلب معاناة الشعب وتطلّعاته، فكان مسرح الهواة مرآة الشعب الذي يصوّر طموحاته.
وذكر زدام أنّ هذه الفرق العديدة عملت حسب المرحلة التي عاشتها، فتتأقلم مع تطوّر المجتمع وتغير الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لكلّ نظام حكم مرت بها الجزائر، أما الآن وفي ظلّ التطوّر الرهيب للتكنولوجيات الحديثة فيرى حليم زدام، أنّ مسرح الهواة لازال يبحث عن مكانة تليق به في غياب المتلقّي الذي بات لا يلج لقاعة المسرح، حيث أصبح مدمنا للوسائط الرقمية المتعددة التي وفرتها له المواقع الإلكترونية.
وفي سياق آخر، أكّد المتحدّث أنّ مسرح الهواة يلعب دوراً مهمّاً ومركزياً في انتشار أبي الفنون في الأوساط الشعبية، فقد كان للكثير من المثقفين والشخصيات الفاعلة عملا نضاليا مهما في بناء الوطن، من خلال الفكر والثقافة عموماً والمسرح خصوصاً. داعيا إلى ضرورة تفعيل الاتفاقيات المشتركة بين الوزارات والمؤسّسات الحكومية الأخرى لتفعيل الحركة المسرحية في الجزائر، وكذا الاهتمام بالمسرح المدرسي والمسرح الجامعي من أجل غرس حب المسرح من بداية المشوار الدراسي، بالإضافة إلى خلق الجو الملائم ودعم الإبداعات الشبابية الفنية وفتح الأبواب لها ودعمها ماديا ومؤسّساتيا.
وختم المتحدّث حديثه بقول مصطفى كاتب رحمه الله “ليس هناك هاوي أو محترف..هناك فقط عاملون في المسرح..وإنّنا إن استطعنا أن ندرك معنى ذلك، فإنّنا بشكل ما من الأشكال نستطيع أن ندرك مشاكل مسرحنا واهتماماته وآفاقه ومستقبله”.