يرى الممثل والمخرج المسرحي عبد الله مبرك أنّ مسرح الهواة بمثابة مشتلة للمسرحيين الجزائريين، مشيرا إلى أنّ مسرح الهواة بمستغانم لعب دورا فعّالا في اكتشاف عديد المواهب المسرحية، وكذا في استمرار نشاط العديد من الفرق الفنية، وتقديم أعمال هادفة على خشبة الركح.
أكّد الفنّان مبرك في حديث مع “الشعب” أنّ الهواة ساهموا في نشأة المسرح في الجزائر، من خلال ظهور عدّة فرق مسرحية هاوية، تربّت في أحضان الكشافة الإسلامية والأحياء الشعبية، واجتهدوا في تقديم أعمال فنية، كانت بداياتها عبارة عن “سكاتشات” قصيرة هادفة تتطرّق للظروف الاجتماعية والسياسية آنذاك، كما لعبوا دورا كبيرا في ترشيد وتوعية الشعب الجزائري ضدّ وحشية المستعمر الفرنسي والدعوة إلى الحفاظ على الهوية الوطنية الجزائرية.
وقال المتحدّث إنّ مستغانم عرفت خلال تلك الفترة، بروز المسرحي الكبير ولد عبد الرحمن كاكي وأصدقائه الذين كانوا يعملون في مسرح “الحفرة” المتواجد وسط المدينة، والذي عرف ظهور فرقة “القراقوز” التي كان يترأسها هذا الفنّان الكبير، حيث كانت آنذاك تحضر لمسرحية 132 سنة، والتي تمّ عرضها بعد الاستقلال وهي ـ يضيف المتحدّث ـ عبارة عن سرد لمراحل الاستعمار التي مرّ بها شمال إفريقيا عامة والجزائر خاصّة.
ويضيف الفنّان المسرحي، أنّ المهرجان شهد عدّة مسارات وواكب مختلف التحوّلات التي عرفتها الجزائر، خلال السبعينيات، بعدها اتجه مسرح الهواة نحو تسليط الضوء على المطالب الاجتماعية في الثمانينيات، أما في التسعينيات أخذ مسارا آخر وهو الانفتاح على المشرق العربي، وأصبحت المسرحية تقدّم باللغة العربية باقتباس نصوص عالمية، ومع نهاية التسعينيات وبداية الألفينيات تم التوجّه إلى المسرح التجريبي.
ويتابع “شهدت سنوات الثمانينيات العصر الذهبي للمسرح من خلال الأعمال المسرحية القيّمة التي كانت تعرض، ومعظمها من كتابات أحد عمالقة المسرح الجزائري ولد عبد الرحمن كاكي، على غرار “كل واحد وحكمو” و«ديوان القراقوز” وغيرها من الأعمال الكبيرة التي سمحت بخروج الإشعاع المسرحي من مستغانم، وأصبحت من خلالها مشتلة للمسرحيين، وساهمت في دعم الحركة المسرحية المحترفة بطاقات فنية”.
ومن بين أهم التحدّيات التي تواجه مسرح الهواة اليوم، يؤكّد مبرك على نقص التكوين الذي أدّى ـ حسبه ـ إلى تراجع الحركة المسرحية، مشدّدا على ضرورة التعلّم والتدرّج في سلم النجاح للوصول إلى ما هو مطلوب، وإعطاء وقت كاف للفنّان للتكوين وتطوير قدراته الفنية والإبداعية لوضع بصمته وإثبات وجوده في الساحة الفنية.
كما أكّد المتحدّث على غياب الجمهور ومغادرته قاعة المسرح بسبب ضعف العروض المسرحية المقدّمة التي باعدت بين أبي الفنون وجمهوره، وبالرغم من كلّ التحدّيات والمطبّات التي شهدها مسرح الهواة ـ يقول المتحدّث ـ ما يزال قائما إلى الآن، ليطفئ هذه السنة شمعته الـ55، وذلك بفضل جهود أبنائه من مختلف الأجيال بداية من الجيل المؤسّس الأول، على غرار جيلالي بن عبد الحليم وولد عبد الرحمان كاكي وغيرهم من الأسماء اللامعة، إلى غاية جيل اليوم والذي يحافظ على الأمانة ويسير بخطى ثابتة نحو برّ الأمان.