يرى أستاذ التاريخ بجامعة المسيلة، قوادرية النذير، بأن الثورة الجزائرية نالت حيزا واسعا في الرواية الجزائرية، لكنها لم تصل إلى حد الاستنفاذ، مؤكّدا أن كل جيل من الكتاب الجزائريين أعاد استكشاف الثورة وأبعادها التاريخية والاجتماعية والنفسية، وفقا لرؤى وأساليب سردية مغايرة.
أفاد قوادرية في تصريح لـ “الشعب”، أن العقود التي تلت الاستقلال شكلت فيها الثورة الجزائرية موضوعا محوريا للعديد من الروائيين الجزائريين، مثل محمد ديب ومولود معمري وكاتب ياسين والطاهر وطار، حيث قدموا أعمالا تعكس معاناة الشعب الجزائري خلال الحقبة الاستعمارية وأثناء الثورة، موضحين جوانب من العنف والتضحية والصراع ضد الاستعمار.
ثم ظهر جيل آخر ممّن قدموا قراءة جديدة ومعاصرة، ظهرت في أعمال فنية تراوحت بين النقد العميق والبحث في آثار الثورة النفسية والاجتماعية على الجزائريين بعد الاستقلال، مثل رشيد بوجدرة وواسيني الأعرج.
ويرى المتحدث أنّ الرواية الجزائرية المكتوبة باللغة الفرنسية تناولت الثورة بمسافة نقدية أكبر، ما ساعد على فتح نوافذ جديدة لفهم التعقيدات التي أحاطت بتلك الحقبة، فالثورة الجزائرية لا تزال مصدر إلهام للعديد من الروائيين، لاسيما وأن ذاكرة الثورة بدأت تتفاعل مع أجيال جديدة لم تعش تلك الفترة، ما يفتح الباب لقراءات مغايرة وتفسيرات متعددة على ضوء الحاضر الجزائري، سياسيًا واجتماعيًا وثقافيًا.
واعتبر قوادرية أنّنا يمكن أن نعتبر الرواية الجزائرية التي تناولت الثورة مرجعا ثقافيا وجماليا مهما للأجيال القادمة لفهم جوانب مختلفة من تاريخ الجزائر الثوري، لكنها لا يمكن أن تكون مرجعا تاريخيا شاملا ودقيقا بنفس مستوى المصادر التاريخية المتخصصة، وذلك لعدة أسباب أبرزها الجانب الإبداعي في الرواية، الذي يعتمد على الخيال والأسلوب الأدبي وتقدم رؤية الكاتب الذاتية للأحداث، وبالتالي، فالرّواية تُظهر أحداث الثورة وتفاصيلها من منظور درامي وشخصي أحيانا، وليس بالضرورة بدقة موضوعية، تضاف إليها رؤى الكاتب المرتبطة بالظروف السياسية والاجتماعية التي كتب فيها الرواية، مثل الروايات التي كتبت مباشرة بعد الاستقلال.
