تستعد ولاية المدية للاحتفاء بشهر التراث الثقافي الذي يمتد من 18 أفريل إلى 18 ماي من كل سنة، والذي جاء هذه السنة تحت شعار “التّراث الثّقافي والذّكاء الاصطناعي”، من خلال برنامج ثري ومتنوع سطرته مديرية الثقافة والفنون بالتنسيق مع شركاء ثقافيين، هيئات عمومية، وجمعيات ناشطة في مجال التراث، بهدف إبراز خصوصية الموروث الثقافي المحلي بكل أبعاده المادية واللامادية.
البرنامج يتوزّع على مدى شهر كامل، ويضم سلسلة من النشاطات النوعية التي تسعى إلى ربط المجتمع بمخزونه التراثي والتعريف به، من خلال أيام دراسية وورشات توثيقية لمواقع ومعالم أثرية وتاريخية، إلى جانب عرض مراحل من دراسات مشاريع ثقافية في طور الإنجاز، ومعارض تراثية وقعدات شعبية توثق للعادات والتقاليد، وتوأمات ثقافية بين جمعيات محلية ووطنية لإبراز التنوع الثقافي بين مختلف مناطق الوطن.
كما يتضمّن البرنامج خرجات سياحية وزيارات ميدانية للمواقع الأثرية والمعالم التاريخية، إلى جانب لقاءات شعرية وعروض فلكلورية وفنية موجهة للأطفال، فضلاً عن مسابقات ذات طابع تراثي، وعروض مسرحية تحاكي فنون الحلقة والحكاية الشعبية، في مشهد ثقافي ينبض بالحياة والتفاعل مع التراث المحلي.
ستكون الانطلاقة الرسمية للبرنامج يوم 19 أفريل الجاري، من الفضاء الخارجي للمتحف الجهوي للمجاهد بالقطب الحضري لبلدية المدية، من خلال تظاهرة كبرى موسومة بـ “موزاييك ثقافية”، والتي ستشهد فعاليات متعددة تشمل معارض تراثية، قعدات شعبية، ورشات حية للفن التشكيلي والحرف والصناعات التقليدية، عروض موسيقية وفلكلورية، ومعرضًا للكتب ذات الطابع التراثي.
وفي إطار الجهود المبذولة لحماية الذاكرة الشعبية، ستنظم مبادرة “شارك تراثك” التي تهدف إلى الكشف عن المقتنيات الأثرية التي تحتفظ بها العائلات، ودراستها وتوثيقها وإحصائها في سياق علمي وتشاركي.
كما ستقام تظاهرة “التراث العاصمي في ضيافة التراث المداني” التي ستبرز أوجه الشبه والاختلاف بين الموروث الثقافي للعاصمة والمدية، عبر تنظيم معارض للباس التقليدي، الطبخ، الحلويات، إلى جانب جلسات تراثية وأعراس تمثيلية تراثية تمزج بين الطابعين العاصمي والمداني.
سيتوقف البرنامج أيضاً عند أهمية الذكاء الاصطناعي في حفظ وتثمين التراث من خلال يوم دراسي أكاديمي بمشاركة طلبة الجامعة، تحت عنوان “التراث الثقافي في عصر الذكاء الاصطناعي”، حيث سيتم عرض مقاربة تطبيقية حول توظيف هذه التكنولوجيا في دراسة الموقع الأثري “أشير” كنموذج.
ومن بين المحطّات المبرمجة أيضا، تظاهرة “المسرح الشعبي..تاريخ أمة” التي ستحتفي بفنون القوال والراوي ومسرح الحلقة، ضمن فضاءات تراثية تشمل عروضًا فلكلورية، معارض حرفية وقعدات تحاكي الذاكرة الجماعية. وسيتم كذلك عرض المرحلة الثالثة من المخطط الدائم لحفظ وإعادة الاعتبار للمدينة العتيقة، إلى جانب إطلاق الدورة الثالثة عشرة من المهرجان الثقافي الدولي لفن الخط العربي من 12 إلى 15 ماي، بالتعاون مع جمعية “الراقم”.
ولم تغب الأبعاد التكوينية والسياحية عن البرنامج، حيث سُطّرت خرجات تراثية لمواقع بارزة كقصبة تنس ومتحف عبد المجيد مزيان بالشلف، إلى جانب تنظيم صالون وطني للكتاب من 27 أفريل إلى 4 ماي، وورشات تكوينية للشباب في مجال التوثيق الرقمي للتراث، بالإضافة إلى جلسات ثقافية في الأدب الشعبي والشعر الملحون.
كما سيكون للذّاكرة الشفوية نصيب من خلال تظاهرة “حكايات تراثية” التي تهدف إلى جمع الحكايات الشعبية المنقولة شفهيًا عبر الأجيال، على لسان كبار السن، في مسعى نبيل لتوثيق التاريخ المتواتر وصونه من النسيان.