صدر للدكتور أبو بكر عبد الكبير مؤلّفه الثاني الموسوم بـ«المناهج النّقدية بين النّقد ونقد النّقد” عن دار “جودة للنشر”، والذي “يعدّ امتدادا لتلك الدراسات النّقدية التي ما فتئت تظهر هنا وهناك، والتي حاولت دراسة بعض النصوص الأدبية والنّقدية بمعزل عن كلّ ما هو خارج عنها والاهتمام ببنية النصّ دون سواها.”
يرى الدكتور أبو بكر عبد الكبير أنّ المناهج النّقدية الحداثية استقطبت اهتمام الدارسين والباحثين، بالجزائر، جيلا بعد آخر، بداية من الجيل الأول في ثمانينيات القرن العشرين الذي عُدّ المؤسّس الأول لها تنظيرا وتطبيقا في النّقد الجزائري المعاصر، ومعه بدأ الاهتمام بهذا التوجّه النّقدي يتزايد يوما بعد يوم.
كتاب “المناهج النّقدية بين النّقد ونقد النّقد” - حسب المؤلف - يعدّ امتدادا لتلك الدراسات النّقدية التي ما فتئت تظهر هنا وهناك، والتي حاولت دراسة النصوص الأدبية والنّقدية بمعزل عن كلّ ما هو خارج عنها والاهتمام ببنية النصّ دون سواها.
حاول أبو بكر عبد الكبير في هذا الكتاب، التوقّف عند بعض هذه المناهج النّقدية الحداثية تطبيقا لها، كما في الجزء الأول الذي خصّصه للمنهج البنيوي وبالخصوص الثنائيات الضدّية، كونها من أهم الظواهر اللّغوية التي توقّف عندها مطوّلا أنصار ودعاة هذا المنهج في دراستهم لمختلف النصوص الأدبية، وقد اختار لذلك جدارية لمحمود درويش لما تتضمّنه من مفارقات لغوية أسّست عليها هذه الجدارية من بدايتها إلى نهايتها، وساهمت هذه الثنائيات بشكل كبير في تحديد الإطار العام لهذه القصيدة، إذ حملها محمود درويش بالعديد من الدلالات التي جاءت في واقع الأمر امتداد للحالات النفسية التي مرّ بها الشاعر بين فترة وأخرى، ذلك أنّه وظّفها للدلالة على التشاؤم والتفاؤل والتجديد والاستمرارية والتحدّي وغيرهما من المعاني.
وخصّص الكاتب الجزء الثاني للمنهج السيميائي، منزاحا بذلك عن الدراسات المألوفة لهذا المنهج، بينما خصّص الجزء الأخير للبحث عن هذا المنهج الجديد الذي عرف بنقد النّقد وتمثلاته في النّقد الجزائري المعاصر، وبالخصوص أعمال النّاقد يوسف وغليسي الذي حاول تقريب الرؤى النّقدية وإذابة الجليد في الكثير من المرات، خصوصا في ردّه على خصوم النّاقد عبد المالك مرتاض، إذ أنّ “كتابه الخطاب النّقدي عند عبد المالك مرتاض” في المنهج وإشكالياته - بحسب عبد الكبير - من بين التجارب الرائدة في مجال نقد النّقد في الجزائر وحتى خارجها، وذلك لكون أنّ هذا النّاقد تتبّع في كتابه التجربة النّقدية المرتاضية من بداية عهدها مع المناهج السياقية وتطوّرها وانتقالها إلى المناهج النسقية.