اعتبر أستاذ الفلسفة، لخضر مذبوح أن الجزائر تحتاج إلى مواصلة بناء واجهتها الثقافية التي تأخذ بعين الاعتبار التمثلات الحقيقية من حيث تركيبة البلاد الجغرافية والثقافية، وتنوّعها وثرائها الايجابي، تستمد جذورها من التاريخ، بالنظر لما تمتلكه الجزائر من امتدادها التاريخي التليد..
وأشار مذبوح في تصريح أدلى به إلى «الشعب» إلى ضرورة مواصلة وضع أسس الثقافة الفاعلة في الجزائر الجديدة، والتأصيل لها في مجتمعنا وفي مدارسنا، تنشئ تلاميذنا على حب الاستطلاع والمعرفة، من خلال إعادة الاعتبار والأخذ بالحسبان بأن الثقافة يصنعها الإنسان وهذا الإنسان هو الذي يغيّر العالم، من خلال التمسك بهويتنا وبشخصيتنا الجزائرية بأبعادها الإسلامية العربية والأمازيغية وحتى المتوسطية والإفريقية، كوننا نمتلك بعدا إفريقيا وعلينا أن نسترجع البعد الإفريقي بكتاباتنا وبثقافتنا الراقية اجتماعيا، من خلال تقديم صورة تجتمع فيها الحداثة والأصالة والمعاصرة التي نعيشها بعقلانية.
وأشار محدثنا إلى أن العقلانية في هذا تعني التأسيس لنمط تفكري مجتمعي يجعل من الإنسان الجزائري فخورا بهويته وشخصيته وتاريخيه، وقال: «ينبغي لنا التمييز بين فكرة التفتح بمعناه الحقيقي والايجابي، وجعله فرصة ووسيلة لتحقيق التطور، وعلينا أن نعيش مفهوم الجزائر الجديدة بما أنجزته أعظم ثورة في العالم.. ثورة نوفمبر المجيد، وبما نحن عليه كجزائريين نعالج واقعنا بعقلانية وفعالية، وهذا من شأنه – يقول مذبوح - أن ينعكس إيجابا على منتجنا الثقافي، من خلال التأسيس لواجهة ثقافية في مستوى طموح شهداء الوطن».
وأكد مذبوح - في السياق - أن الثقافة لا تكتسب معناها إلا إذا كانت تعبيرا عن خصوصية، ونابعة من آنية وبيئة يعيشها الإنسان بتعبير المرحوم مولود بلقاسم «الانسان الجزائري»، بعيدة كل البعد عن الاستنساخات التي تحمل وقائع غريبة عن بيئتنا وعن جزائرنا الجديدة، مستشهدا بالكتابات والروايات التي ألفّت خلال فترة الاستعمار وبعد فترة الاستقلال على غرار «رواية الأرض والدّم» وكتابات الروائي الجزائري مولود فرعون ومالك بن نبي، وقال: إننا نحس بجزائريتنا وخصوصيتنا عند قراءة أحد فصول كتبهم، وندرك من خلال كتابتهم مدى ارتباط هؤلاء الكتّاب بأرضهم وهوّيتهم.
وأضاف مذبوح أن هدف المثقف ينبغي أن يصطف مع قيم التقدم والتحرّر والحرّيات والديمقراطية، ومن خلال التأقلم مع متغيرات الحياة الواقعية، بعقلانية نابعة من البيئة الجزائرية، مشيرا - في السياق - إلى أن الجزائر ينبغي أن تكون نموذج في الشمال الإفريقي لبناء مجتمع ديمقراطي كل من يعيش فيه يحس بأصالة جزائريته، لهذا يجب التركيز على ما أنتجت ثورة التحرير التي وحدّت الحركة الوطنية وقدّمت الجزائر في صورة أبهى وأحسن، دولة حديثة معاصرة تعتز بدينها وبوطنها وبلغاتها وانتمائها للبعد الإفريقي، وفوق هذا كله، هي ثورة إنسانية.