يتواصل برواق الفنون “محمد راسم” بالجزائر العاصمة معرض الفنانة التشكيلية عزيري ثنينة والذي تقدّم فيه للجمهور عصارة تجربتها الفنية الثرية، حيث تعكس أعمالها الفنية ارتباطها الوثيق بعناصر التراث الثقافي الجزائري الثريّ ونزوعها لممارسة فنية حداثية، لترسم بذلك شغفها بالموروث الثقافي المادي واللامادي الجزائري بلمسة عصرية.
ويضمّ المعرض الذي يحمل عنوان “لمسة فنان” أزيد من 40 لوحة فنية من مختلف الأحجام والتقنيات بتقنية الألوان الزيتية، وهي تتناول نماذج مختلفة تبرز عناصر التراث الثقافي والفني الوطني، على غرار بورتريهات لوجوه نسائية ورجالية بكلّ تفاصيلها اليومية ولباسها التقليدي وعاداتها التقليدية ومجوهراتها من مختلف مناطق الوطن، وكذا مناظر طبيعية ومواقع تاريخية تعجّ بالتاريخ والأصالة تنسج من خلالها فسيفساء تراث الجزائر.
وتقترح عزيري في هذا المعرض المنظّم في إطار برنامج موسم الاصطياف الذي أعدّته مؤسّسة فنون وثقافة التابعة لولاية الجزائر، رحلة فنية مادتها التاريخ والتقاليد والمهارات الخاصة بالفانتازيا، وذلك بناء على خيارات لونية تمازج بين الأبيض والأسود وبين مختلف الألوان التي تشعّ بالحياة لتناغم بين مختلف التيارات الفنية كالرمزية والواقعية والبوب أرت والفن الإفريقي.
كما تؤثّث الفنانة أعمالها التي أرفقتها بنصوص شعرية منتقاة بوجوه نساء جزائريات، وهنّ بصدد القيام بأعمالهنّ اليومية في المطبخ أو في ساحة المنازل التقليدية في القرى والمداشر والقصبة وغيرها.. المحاطة بالجبال والرمال وزرقة البحر، على غرار صورة فتاة تارقية بلباسها التقليدي المزخرف وهي تعزف على آلة الإمزاد التراثية أو فتاة بلباس قبائلي ناصع البياض وهي تحمل الماء من النافورة.
كما رصدت بجمالية جمال وسحر الطبيعة في جنوب الجزائر الشاسع بمنطقة الأهقار والطاسيلي واللباس التقليدي الشهير بهذه المنطقة، فضلا عن سباق الفرسان على صهوة الجياد، وهم في أبهى لباس حاملين الرايات والبنادق.
ومن جهة ثانية، تعرض التشكيلية أمام الجمهور أعمالا مركّبة من الخشب المسترجع، وكذا مادة الحديد والبلاستيك مجسّد عليها رسومات وأقنعة برموز مختلفة ذات بعد إفريقي ومغاربي في الغالب، ترمز لتقاليد محلية واحتفالات راسخة على غرار لوحة من الخشب يطغى عليها اللون الأزرق تمثل رقصة السبيبة في مختلف مراحلها، وزخمها الجمالي الاستعراضي.
وتقول عزيري في هذا الصدد، بأنّ الفنّ التشكيلي الذي دخلته من باب “العصامية” و«الهواية” صقلته من خلال انتسابها لجمعية الفنون الجميلة التي تعتبر “أول مدرسة تلقّنت فيها ومن خلال الورشات التي أطّرها كبار الفنانين مختلف تقنيات وأساسيات العمل الفني، معبّرة عن “ميلها الكبير” لممارسة الفن الحديث.
وأردفت المتحدّثة أنّ الفن التشكيلي بمثابة “وسيلة للتعبير عن ارتباطها وافتخارها بكلّ ما هو تراث ثقافي في الجزائر، بهدف الحفاظ على ذاكرته”، مضيفة أنّها تعتمد في بناء تصوّرها الفني على “المزج بين مختلف التيارات والمدارس الفنية العالمية والنهل منها لإثراء العمل الفني وفق خيارات لونية مختلفة”.
وسبق للفنانة المولودة بالعاصمة في 1980 المشاركة في عديد المعارض الفنية داخل الجزائر وخارجها منذ 2004، حيث أبرزت موهبتها وولعها بكلّ ما له علاقة بالتراث والموروث الثقافي والفني الجزائري للحفاظ عليه للأجيال القادمة.
ويتواصل هذا المعرض لغاية 21 أوت الجاري.