التّرجمة في أدب الطّفل

جسر تواصل يرتكز على معرفة عالم النّاشئة

حبيبة غريب

يكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن ترجمة قصص الأطفال والناشئة من اللغة الأصلية إلى اللغة الأخرى، وهي المشاريع التي يسعى إلى إنجاحها الكثير من دور النشر بحجة الترويج للثقافة المحلية، وتمكين القارئ الصغير من تعلّم لغات أخرى غير لغة الأم، غير أنّ السؤال المطروح دائما هو هل يعتمد المترجم أساسا الأسلوب والإبداع لكاتب النص الأصلي، أم يقوم بالترجمة وفقا لأسلوبه وإبداعه الخاص إن كان هو الآخر كاتبا؟ انطلاقا من هذا الطرح فتحت «الشعب» النقاش بمناسبة الاحتفال باليوم العالم للطفولة في محاولة لتسليط الضوء على هذا الجسر الرابط بين مختلف الثقافات، والباب  المفتوح على تعدّدية الإبداعات والأساليب في مجال  يحتاج المنغمس في أغواره، أن يلم أولا وقبل كل شيء بانشغالات وتطلّعات القارئ الصغير.

د - طارق البكري: انفتاح على العالمية  
يرى د - طارق البكري، كاتب قصصي من لبنان، أن «الأدب يتميّز عموما بأنه لغة عالمية، فمعظم ما يكتب في الشرق يمكن أن يناسب ليقرأه الغرب، والعكس صحيح، كما  قد تكون بعض القيم الاجتماعية مختلفة، وكذلك بعض الأسس والاختلافات الدينية، لكن الارتباط بين الشرق والغرب حتمي، ويجمع بينها أكثر ممّا يفرقهما، ولا سيما الأدب الخاص بالطفل»، وفق ما صرح به لـ «الشعب».
وانطلاقا من هذا الواقع، قال المختص في أدب الطفل «إنّ الترجمة شيء نافع للجميع، ولطالما وصلنا الكثير في تراثنا العربي القديم ما يتصل بتراث الأمم التي كانت على تماس مع العرب، وهناك من يرى أن كتاب «كلِيلَة ودِمْنَة» الذي يتضمّن مجموعة من القصص، ترجمَهُ عبد الله بن المقفع من الفهلوية إلى اللغة العربية في العصر العباسي، وتحديدًا في القرن الثاني الهجري..وقال بعضهم غير ذلك، لكن هذا هو المشهور».
كما أنّنا اليوم نرى الكثير من كتب الأطفال مترجم إلى العربية من لغات شتى، وقد يكون أبرزها الإنجليزية والفرنسية، كما أن بعض الكتب ترجمت عن التركية والإيطالية، وغيرها من اللغات كالأوروبية والآسيوية والأفريقية.
وأشار د - طارق البكري إلى «أن قراءة الأدب عموما بلغته الأصلية هو الأفضل، فلا يمكن الاعتقاد أن ترجمة قصيدة إلى أي لغة، يمكن أن تعطي المذاق نفسه في اللغة التي كتبت فيها، وكذلك الأدب المنثور»، لكن تبقى الترجمة حسبه «تساعد الجميع على الاطلاع والتعمق في آداب الآخرين، لا سيما أن لغات العالم كثيرة ومتعددة، ولا يمكن لشخص واحد الإحاطة بها جميعها».
ووفق تجربته الطويلة في أدب الطفل واليافعين، صرّح الكاتب الأردني أنه اطلع في الفترة الأخيرة على بعض القصص المترجمة إلى اللغة العربية من اللغة التركية وكذلك من اللغة الإيطالية والإسبانية، فضلا عن القصص المترجمة من الفرنسية والإنجليزية..وهو ما يمنح القارئ، سواء الطفل والناشئ، وحتى الأديب والباحث والمهتم، مساحة واسعة من التعرف على ثقافات وأساليب متفرقة، هذا حتى وإن كانت الترجمة في أغلب الأحوال ليس بإمكانها أن تقدم نسخة مطابقة تماما للنص الأصلي، إنما هذا يجعلنا ننطلق إلى عوامل أخرى تفتح للقارئ فضاءات ملونة تزيد من معارفه المتنوعة».
ولا شك، يضيف د - البكري «أن الطفل العربي اليوم بات مطلعا وقادرا على الوصول إلى كثير من النصوص من خلال الانترنت، لاسيما أن الانترنت يوفّر فرصة ترجمة فورية وإن كانت غير متقنة، ولا يمكن أن تكون لغتها أدبية، لذا فإن الترجمة الأدبية ضرورية، لتبيان المعاني المطلوبة، ومحاولة تقديم أقصى مطابقة للنص، حتى يحصد القارئ كل ما نرجوه من وراء القراءة ذات الأبعاد العالمية».

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024
العدد 19518

العدد 19518

الإثنين 15 جويلية 2024