استقبلت جامعة معسكر، نهاية الأسبوع، نخبة علمية مكونة من 40 خبيرا في اللغة العربية والتقنيات التكنولوجية، شاركوا في فعاليات دورة تكوينية هي الرابعة من نوعها من أجل إعداد مشروع المعجم التاريخي للغة العربية.
اجتمعت اللجنة الجزائرية القائمة على مشروع المعجم التاريخي للغة العربية عن طريق تقنية التناظر المرئي بخبراء مجمع اللغة العربية بالشارقة، من أجل تقييم مسار المشروع والتعرف على المستجدات التقنية التكنولوجية التي تدخل في اعداد المشروع، وكذا من أجل تكوين المحررين الجدد المنخرطين فيه، ويتعلق الأمر بـمجموعة جديدة من 40 باحثا أكاديميا تضاف إلى نخبة من 300 خبير في اللغة العربية والذكاء الاصطناعي من 10 مؤسسات علمية عربية، من بينهم 100 خبير جزائري مساهم في المشروع كمحررين.
قال رئيس المجلس الأعلى للغة العربية الدكتور صالح بلعيد، إنّ مثل هذا المشروع له أفضال على الجزائر وعلى الأمة العربية، مباركا تقدم العمل على المشروع التاريخي الذي تعود فكرة انجازه إلى سنة 1932، وتعذر تجسيده إلى غاية انطلاق العمل عليه سنه 2017، كما يرتقب الانتهاء منه مطلع العام 2026، بعد أن تخطى مرحلة صب مجموعة ثرية من المعلومات، وإدخالها بقاعدة البيانات المركزية المعلوماتية التي شملت لحد الآن إنجاز 3 آلاف جذر من أصل 16800 جذر للغة العربية.
وأفاد الدكتور صالح بلعيد، أن المعجم التاريخي للغة العربية عملاقا، يفتح الأبواب أمام الباحثين وطلاب العلم الذين يبحثون وينقبون عن تاريخ الالفاظ والكلمات، حيث يؤرخ المعجم لجميع الألفاظ والمصطلحات منذ نشأتها الأولى إلى العصر الحديث، بعد محاولات كثيرة لم تؤت ثمارها لعدة أسباب وعوامل، منها ضخامة التراث العربي والتكلفة الباهظة للمشروع وحجمه الذي يمتد إلى فترة ما قبل الاسلام مرورا بأشعار الجاهلية.
كما اعتبر صالح بلعيد مشروع المعجم التاريخي للغة العربية مشروع أمة وحامل لذاكرتها الجماعية، الذي سيحدث إنجازه حركة عظيمة في ميدان الكتابة والتأليف والابداع الادبي والانتاج الشعري، ويبعث باللغة العربية الحيوية والحركة، فضلا عن اعتباره إضافة نوعية في حقل المعاجم العربية لاسيما وأنه يعتمد على الذكاء الاصطناعي، مؤكّدا أنّ المعجم التاريخي للغة العربية الذي تشجعه الجزائر سيحل 95 % من مشاكل ومعوقات اللغة العربية، ويشكل مكسبا للجزائر دولة وشعبا، بالنظر إلى الكفاءات الوطنية العلمية والاكاديمية التي انخرطت في المشروع وتجندت لإنجاحه.
وشملت الطبعة الأولى للمعجم التاريخي للغة العربية، رصد تاريخ الكلمات العربية بتتبع تاريخ ميلاد الالفاظ ودلالاتها وما طرأ عليها من تغيرات، إضافة إلى رصد الألفاظ الدخيلة والمعربة والمحدثة، ويسمح بتحرير العلاقة بينها وبين اللغات السامية.
ويؤكّد من باتنة: نحو رقمنة اللّغة العربية
أكد رئيس المجلس الأعلى للغة العربية الدكتور صالح بلعيد، على المجهودات الكبيرة التي يبذلها المجلس للرقي باللغة العربية وتطويرها لتتماشى مع الحاصل دوليا، خاصة ما تعلق برقمنتها من خلال إدخال العديد من التطبيقات إلكترونية الحديثة.
أشار بلعيد خلال تنشيطه لندوة فكرية، بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية حمودة بن ساعي بحملة 2 بباتنة، إلى أن اللغة العربية لا تزال تعاني من غياب استعمالها تقنيا في كل المرافق والإدارات العمومية، ولم تنل ـ حسبه - حقها من التطور ما دفع بالمجلس في إطار مهامه لتطويرها وترقيتها إلى عقد عدة شراكات لتعميم استعمالها في القطاعات الوزارية.
وأوضح بلعيد في تدخله أمام طلبة جامعة وأساتذة مختصين من جامعة باتنة 01 والعديد من إطارات قطاع الثقافة والفنون، أنه يجري منذ مدة التحضير لإعداد موسوعة شاملة يشرف عليها أستاذة باحثين من الجزائر تتعلق بإصدار معاجم ومؤلفات باللغة العربية، بغية رقمنتها، وذلك بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، في مسعى لإدخال الرقمنة على العربية.
وبخصوص صعوبة العملية، أكد بلعيد أن نجاح رقمنة وثائق الحالة المدنية يجعل من رقمنة اللغة بباقي المرافق والقطاعات العمومية أمرا قابلا للتحقيق والتعميم، وكذا استغلالها عبر المنصات الرقمية بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي، وبالتنسيق مع اطارات بعض القطاعات الحيوية على غرار الدفاع الوطني، العدل، الثقافة، الاتصال والشؤون الدينية، والتي تعرف تقدما معتبرا في استعمال اللغة العربية في وثائقها واصدارتها.
ويضاف لمشروع الموسوعة حسب بلعيد إنتاج قاموس ثلاثي اللغات حول البيئة، ومدونات خاصة بقطاع الصيد البحري، وغيرها من المؤلفات العربية لفائدة قطاعات مهمة، داعيا في ذات السياق إلى الاهتمام أكثر بتدريس العربية واستعمالها خاصة لدى فئة الشباب، المهتمة بالرقمنة ومسايرة التطورات التكنولوجية.
باتنة: حمزة لموشي