استمتع هواة الفن الرابع بتيزي وزو، بعرض مسرحية الطوفان، التي تحاكي الموروث المشترك بمنظر خيالي، مجسدة فكرة أن «الوطن ليس للبيع»، لتكون سهرة رمضانية ثقافية بدون منازع، أعادت رونق المسرح، الذي أشعلت أنواره جمعية الشعلة للمسرح والسينما لبومرداس.
مسرحية «الطوفان» استقطبت جمهورا من مختلف الفئات، والذين حضروا من أجل الاستمتاع بمشاهد هذا العمل المسرحي الجريء، الذي جال في مختلف دور المسرح، ليحط رحاله أخيرا بتيزي وزو محاكيا كيفية الحفاظ على التراث والهوية، ومزكيا دور الحراك الشعبي الجزائري في تعطيل كل محاولات بيع البلاد.
فكرة المسرحية جسدها المخرج في صورة البيت القديم العتيق الذي يشبه متحفا وهو يمثل التراث، التاريخ والعلاقة وحتى الهوية، وقد كانت ملكية هذا المنزل لشيخ أوصى أولاده الثلاثة بالمحافظة عليه وعدم التفريط فيه وبيعه للغرباء، بعد وفاته، إلا أنهم لم يحترموا وصية والدهم، حيث شرعوا في إجراءات بيعه فور وفاته، ولكنهم يصطدمون في كل مرة بعراقيل حيث يهتز المكان بفعل قوة الهبة الجماهيرية التي تعيق وترفض كل أشكال التنازل، في إشارة منه إلى الحراك الشعبي الذي وقف حصنا منيعا أمام كل محاولات بيع الوطن للأجانب.
مشاهد المسرحية تندرج ضمن الكوميديا السوداء، وقد اعتمدت بصورة صارخة على الاسلوب المباشر الذي تتخلله عبارات مضحكة، ما أدى الى تفاعل الجمهور معها والذي صفق مطولا لأبطال هذا العمل الفني المبدع، الذي يحمل في طياته عدة رسائل هادفة يستقيها الجمهور من خلال المشاهد التي تتصارع فيها التناقضات التي نعيشها يوميا، والتي تبدو جليا من خلال المسرحية في ثلاثة لوحات تحمل كل منها قصة معينة تؤخذ العبرة منها لاحقا، إلا أنه قد اجتمعت في قصة واحدة كان أبطالها ثلاثة إخوة نكثوا وعد والدهم، وضربوا بوصيته عرض الحائط طمعا في مصالحهم الشخصية.
رسالة المسرحية تدعو إلى المحافظة على الوطن من خلال الحفاظ على التراث وعلاقاتنا، لنكون حصنا منيعا أمام أعداء الوطن والمتربصين بأمنه واستقراره.
المخرج والممثلون وفقوا في آداء هذا العمل الفني، الذي لاقى استحسانا من طرف الجمهور الحاضر، وساهم في نجاحه كل من الديكور والموسيقى، اللذين لعبا دورا كبيرا في ايصال رسالة ومضمون المسرحية للجمهور، فصفق مطولا بعد اسدال الستار على أحداثها، لأنها جسدت حب الوطن في أجمل صورة.