تقود مسار الاندماج القاري وتصون سيـادة دول القارة

الجزائر المنتصرة.. صــوت الحـق الإفريقـي

سفيان حشيفة

 دفـاع عن القضـايـا العادلة ورهان على التنميـة المستدامـة 

سد منيع في مواجهة التدخلات الأجنبية ومحاولات هيمنة القوى الاستعمارية

تُعتبر القارة الإفريقية أولوية الأولويات في السياسة الخارجية للجزائر، التي لطالما كانت الجسر التحرري والتنموي للأفارقة على مدار الستة عقود الفائتة، ومنبراً صادحاً بالدفاع عن قضاياهم العادلة في المحافل الدولية والأممية، وسدًّا منيعاً في مواجهة التدخلات الأجنبية ومحاولات هيمنة القوى الخارجية الاستعمارية.

تتمتع الجزائر بموقع جيواستراتيجي في إفريقيا والحوض المتوسطي، ومكانة دبلوماسية دولية مرموقة، أهلها للعب أدوار أساسية في تنمية القارة الإفريقية، وجعلها منصة صلبة لتحقيق استقرارها والحفاظ على مواردها من الاستغلال الخارجي، وبوابة اقتصادية آمنة وجسراً يربط بين جنوب البحر الأبيض وعمق القارة السمراء، لاسيما بعد انضمامها لمنطقة التجارة الحرة الإفريقية التي دخلت حيز التنفيذ قبل ثلاث سنوات.
وقد انخرطت الجزائر بقوة في جهود تجسيد الاندماج القاري، عبر توسيع علاقتها السياسية والاقتصادية مع كافة الدول الإفريقية، وحث باقي البلدان على ذلك، من أجل أفرقة عوامل الاستقرار التنموي والأمني، وحل المشاكل الإفريقية بمبادرات أفريقية محضة بعيداً عن التدخل الخارجي، إذ تعد علاقاتها النموذجية مع جمهورية رواندا مثالاً حيًّا يُقتدى به في هذا الخصوص.
وقبل أسبوع، زار رئيس جمهورية رواندا، السيد بول كاغامي، الجزائر، في إطار تعزيز العلاقات السياسية بين البلدين الصديقين، حيث أسهمت في رفع مستوى الشراكة الثنائية إلى آفاق أرحب، وتُوِّجت بتوقيع عديد الاتفاقيات الاستراتيجية ومذكرات التفاهم في مجالات الاتصالات السلكية واللاسلكية، وريادة الأعمال والفلاحة وتربية المواشي والاقتصاد الرقمي والتكوين والمهني وترقية الاستثمار وتطوير التكنولوجيا والابتكار والتعليم العالي والصناعة الصيدلانية والنقل الجوي والتعاون القضائي، مع إعفاء متبادل لحاملي جواز سفر دبلوماسي وجواز مهمة من التأشيرة.
في هذا الشأن، قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة محمد خيضر في ولاية بسكرة، البروفيسور نور الصباح عكنوش، إن تطور العلاقات الجزائرية- الرواندية، يمكن قراءته كرسالة إيجابية من فواعل الخير والنمو والسلم في القارة السمراء، للذهاب نحو ابتكار مسارات شراكة مستدامة بين بلدان القارة، بناءً على نموذج الجزائر- كيغالي فيما يتعلق بالسيادة والاستقلالية السياسية والاقتصادية والأمنية والتنموية.
وأوضح البروفيسور نور الصباح عكنوش، في تصريح أدلى به لـ «الشعب»، بأن الجزائر ورواندا تعلنان من خلال تفعيل ميكانيزمات التعاون عالي المستوى، بينها نهاية عهد «الفرانك- أفريك» كمنظومة استعمارية للسيطرة على موارد وثروات وقيم القارة الإفريقية من جهة، وبداية عهد جديد من العمل المشترك والتكامل الاستراتيجي في الرؤى والمشاريع الأفريقية البينية من جهة ثانية، وهو ما سيقصي المؤثرات السلبية الخارجية والأجندات الأجنبية.
ولهذا كانت مخرجات الزيارة الأخيرة للرئيس الرواندي السيد بول كاغامي، إلى الجزائر، بحسب عكنوش، نوعية وإيجابية وبراغماتية، تتطلب في المدى المنظور، خاصة مع تزايد التحديات الأمنية الجيوغرافية والبنيوية في محيط البلدين، بناء جسر لوجيتسي إستراتيجي يربط الدولتين، للعبور بأمان إلى مستوى أعلى من الفعالية والواقعية في تجسيد النوايا والإرادات السياسية الطيبة للقادة والشعوب في الجزائر وكيغالي.
كما تؤسِّس العلاقة الثنائية بين الجزائر ورواندا في شكلها ومضامينها المثالية، إلى هندسة منظومة مرجعية جديدة لباقي بلدان إفريقيا، في الحوكمة الرشيدة والبناء التنموي والاقتصادي وفق نسق جماعي تكاملي، بالاستناد إلى معايير الوحدة والتشاور المتبادل، والالتزام الثابت بالقضايا العادلة في القارة وعلى رأسها القضية الصحراوية، وفقاً للمصدر ذاته.
ما تحقق على صعيد العلاقات الجزائرية- الرواندية يعتبر مكسباً ثميناً وإنجازاً واعداً في سياق صعب ومعقد تمر به القارة الإفريقية والعالم، يستدعي الاقتداء به من باقي بلدان المنطقة، يضيف البروفيسور نور الصباح عكنوش. جدير بالذكر، أن الجزائر ركزت في السنوات الخمس الأخيرة، على ترسيخ وتقوية علاقاتها السياسية والاقتصادية مع دول إفريقيا، على غرار مصر وموريتانيا ونيجيريا وإثيوبيا والصحراء الغربية وأوغندا وجنوب إفريقيا، من أجل الدفع بالتعاون القاري والعمل المشترك في شتى القطاعات، بما يحفظ للأفارقة مواردهم وثرواتهم من الاستنزاف الخارجي، ويصون حاضرهم ومستقبلهم بعيداً عن أجندات الهيمنة الأجنبية.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19792

العدد 19792

الإثنين 09 جوان 2025
العدد 19791

العدد 19791

الخميس 05 جوان 2025
العدد 19790

العدد 19790

الأربعاء 04 جوان 2025
العدد 19789

العدد 19789

الثلاثاء 03 جوان 2025