تسير الجزائر بخطى متسارعة وثابتة نحو تعزيز تواجدها في القارة الإفريقية والعودة إلى مجالها الحيوي في العمق الإفريقي. فمنذ تولي رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون الحكم في البلاد، تحولت البوصلة أكثر فأكثر نحو عمق الجزائر الاستراتيجي، في إطار تنويع الشركاء وتمتين العلاقات مع الدول الإفريقية التي كانت ومازالت ترى في الجزائر قاطرة إفريقيا وصوتها الذي يصدح.
تعمل الجزائر، من خلال تواجدها في مختلف المنابر السياسية الإفريقية الفاعلة، سواء في الاتحاد الإفريقي بصفتها عضوا في مجلس السلم والأمن الإفريقي، أو في مفوضيته، وفي الفعاليات والتظاهرات الاقتصادية، على استرجاع نفوذها في القارة الإفريقية الذي مارسته خلال عقود ما بعد الاستقلال من أجل إعلاء مصالح القارة، وتفعيل التكامل القاري بما يخدم دول القارة وشعوبها. تأتي هذه الجهود، استجابة لما تقتضيه الضرورة الآن وأكثر من أي وقت مضى، بسبب تعدد الفواعل التقليدية والجديدة في القارة والتنافس الخارجي عليها، مما قد يعطل التنمية فيها ويجعلها، مرة أخرى، ضحية القوى الساعية لتحقيق مصالحها على حساب شعوب القارة. وتتجلى هذه المساعي الجزائرية، من خلال تواجدها في الأطر متعددة الأطراف في الهيئة القارية، إلى جانب التعاون الثنائي، حيث تعمل الجزائر بجد من أجل لمّ الشمل الإفريقي وجمع أصوات دوله على كلمة واحدة إعلاء لمصالح إفريقيا، التي عانت من ويلات الاستعمار الأوروبي طيلة ثلاثة قرون، ثم تدخلات خارجية بعد ستينيات القرن الماضي، وحروب داخلية غداة نهاية الحرب الباردة، كل تلك العوامل أخرت القارة عن الركب التنموي والحضاري، رغم ما تزخر به من ثروات، وترى الجزائر أنه حان الوقت للعودة إلى عمقها الواقعي، ومساعدة إفريقيا على انتزاع مكانتها التي تليق بها.
منتجات جزائرية في نواكشط
من ذلك أيضا، وفي إطار تعزيز تواجدها في الأسواق الإفريقية، نظمت الجزائر في الفترة من 22 إلى 28 ماي 2025، الطبعة السابعة لمعرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط، موريتانيا، الذي شكل فرصة «لإبراز القدرات الإنتاجية الجزائرية في عدة قطاعات، منها الصناعة والصناعة الصيدلانية، الصناعات الكهرومنزلية، الطاقة والمناجم، الطاقات المتجددة، الأشغال العمومية، الصناعات الغذائية والمنتوجات الفلاحية، بحسب ما جاء في بيان وزارة التجارة الخارجية وترقية الصادرات. كما شمل المعرض «المؤسسات المصغرة والمؤسسات الناشئة، الفلاحة والصيد البحري، السياحة والصناعات التقليدية والحرفية، الجلود والصناعات النسيجية وكذا الأثاث المنزلي والمكتبي.
نيجيريا تطلع على الاقتصاد الأزرق
في السياق نفسه، وفي إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، زار وفد رفيع المستوى من المعهد الوطني للدراسات السياسية والاستراتيجية بنيجيريا الجزائر، مطلع جوان الجاري، للاطلاع على التجربة الجزائرية في مجال الاقتصاد الأزرق والتنمية المستدامة.
وزار الوفد محطات ميدانية في ولايات مختلفة، سمحت له بالوقوف على منشآت اقتصادية، بيئية وعلمية تمثل نماذج ناجحة في مجالي الاقتصاد الأزرق والتنمية المستدامة.
وعلاوة على استقبال الجزائر وفود إفريقية وتنظيم معارض للترويج للمنتجات الجزائرية في دول القارة، فإنها تحرص على بعث الحياة في المناطق الحدودية مع دول الجوار لولوج الأسواق الإفريقية، ورفع الصادرات نحوها انطلاقا من الولايات الجنوبية. وقد ترافقت هذه الخطوة وفتح فروع لبنوك ومعارض دائمة للمنتجات الجزائرية هناك.