بادرت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عبر فروعها المنتشرة بعدة بلديات بولاية بومرداس إلى تنظيم تظاهرات فكرية وعلمية إحياء لمناسبة يوم العلم التي تصادف تاريخ وفاة رائد النهضة الجزائرية الإمام عبد الحميد بن باديس، حيث كان الموعد فرصة للاستذكار مآثر الجمعية ودورها في الدفاع عن مقومات الأمة أمام مختلف أساليب المسخ والتشويه التي مارستها فرنسا لطمس هوية الشعب الجزائري..
تعظيما لهذه المناسبة التاريخية الهامة في تاريخ الأمة الجزائرية التي ترمز لكل معاني النضال والكفاح الفكري السلمي الذي رفعته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين للوقوف في وجه فرنسا الاستدمارية، بادرت شعبة الجمعية لبلدية دلس بالتنسيق مع فوج الإحسان للكشافة الاسلامية والسلطات المحلية إلى تنظيم احتفالية ثرية بالنشاطات والمعارض بساحة الثورة، وهذا بحضور شخصيات فكرية، طلبة وأساتذة إلى جانب أئمة ومدرسي القرآن ممن تتلمذوا على شيوخ المدرسة القرآنية سيدي عمار التي لا تزال شاهدة على أصالة هذه الحركة الفكرية وعمقها التاريخي في المجتمع.
وقد أرادت جمعية العلماء المسلمين لبلدية دلس أن تعطي المناسبة زخما فكريا وشعبيا بتنظيم تظاهرة في احد أهم الفضاءات العامة بالمدينة، وهذا في أول مبادرة من هذا الشكل من أجل ايصال رسالتها التربوية الهادفة إلى مختلف فئات المجتمع، وأيضا التعريف بنشاطها وأهدافها الاصلاحية والتربوية ومحاولة نقل تراث ومآثر الجمعية ورائد النهضة الجزائرية الإمام عبد الحميد بن باديس لجيل الشباب والناشئة التي طالما ناشدها الإمام في قصائده التحررية.
وقد شملت محاور التظاهرة التي عكست حجم التجاوب من قبل الجمهور الحاضر بالخصوص الأطفال وتلاميذ المدارس عدة أجنحة منها معرض للصور والقصاصات التاريخية النادرة لنشاط جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، جناح للبيع بالإهداء لكتب تاريخية وفكرية متنوعة من تأليف وإصدار عدد من الأقلام اللامعة المحلية كعبد العزيز مرابط الزغويني والأستاذ رشيد قاسيمي المتخصص في الكتابات التاريخية، التي حاولت في مجملها الإحاطة بتاريخ المنطقة والتعريف بمعالمها الخالدة كقصبة دلس، وأيضا إبراز الدور الكبير لعدد من الزعماء التاريخين في النضال الوطني إبان الحركة الوطنية وثورة التحرير المجيدة.
وعلى الرغم من رمزية النشاط، إلا أن التظاهرة تركت ارتياحا لدى الزوار والقائمين على المبادرة خاصة في ظل الفتور الذي عرفته ذكرى يوم العلم هذه السنة بولاية بومرداس سواء على مستوى المراكز الفكرية والثقافية، أو بالمؤسسات التعليمية التي تعتبر حاضنة لفكر الجمعية ومرتبطة بمحطة فكرية وطنية هامة هي مناسبة يوم العلم المصادف لـ 16 أفريل من كل سنة.
مع الإشارة أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كان لها نشاطات إصلاحية هامة بمدينة دلس منذ تأسيسها، حيث انشأت ثاني مدرسة للتعليم القرآن واللغة العربية سنة 1932 هي مدرسة الإصلاح الحرة سيدي عمار بعد المدرسة الحرة لقسنطينة، حيث لا تزال شاهدة إلى اليوم على هذا الدور التاريخي للجمعية، وقد تعاقب عليها عدة مدرسين وأئمة بداية من الشيخ حمزة شنتوف إلى الشيخ والمعلم القرآني احمد بن حميدة الذي اشرف على المدرسة من سنة 1946 الى 1956، وقامت أيضا بإرسال بعثات علمية لطلابها باتجاه قسنطينة وجامع الزيتونة بتونس.