تزينت دار النشر المثقف بأول مولود أدبي للكاتبة الصاعدة أمينة ملاح، رواية «نيرو ركيد »، وهو عمل روائي يجمع بين الواقع والخيال، حيث حاولت من خلاله نقل أكثر من صورة واقعية لمعاناة أمهات أجبرتهن ظروف قاهرة على ترك فلذات أكبادهن، وفي المقابل معاناة أيتام لم ينتبهوا أثناء هروبهم لأقصى نقطة في مخيلتهم من خلال رسم المكان بأنهم قد تورطوا في التنقل بين العوالم المختلفة، فهل ياترى ستفعلها براءتهم وتنتشلهم من براثن الخطر؟ الاجابة ستكون من خلال هذا العمل الذي تَعِدُ فيه الكاتبة القارئ بكثير من المفاجآت والتشويق .
تندرج رواية «نيرو ركيد» التي جاءت قي 66صفحة، من أدب الخيال العلمي، النوع المحبب للقراء الذين يملكون بعض الشجاعة، والمستعدون دوما لاستكشاف عوالم لم يعرفوها، حيث تدور أحداثها بين عالمي الأنس والجن، عالمان متوازيان يتميز كل منهما بنمطية عيش منفردة، عالم البشر حيث الضعف يمثل القوة والعالم السفلي حيث القوة تمثل الضعف، وهو تلميح صريح من الكاتبة إلى القراء ليجهزوا خيالهم للدخول في سجال حرب ضروس لا مفر منها.
تضمنت الرواية معالجة ابداعية خارجة عن المألوف للواقع المعاش، حيث تُعد الفانتازيا نوعاً أدبياً يعتمد على السحر وغيره من الأشياء الخارقة للطبيعة كعنصر أساسي للحبكة الروائية، وعليه فإن الاسلوب الذي رجحته الكاتبة أمينة ملاح في حصر النزاع القائم بين عالمين مختلفين، تمثل في مزيج الأسلوب الخبري والوصف، إلى جانب استطرادات حوارية مختصرة التي من خلالها سيكتشف القارئ حجم ما تركته هاته الحرب من حوادث مؤسفة ومآسي لا حد لها.
وفي ذات الصدد، إن كل عاشق للكتب سيحب الرواية حقا لأنها تتحدث عن فانتازيا إلتقاء جني قوي بفتاة صغيرة وما يتعلق به من أسرار وخفايا، فازت بقلبه وهي بخضم أول صراع طبيعي لها (الوجود)، يحتوي على التشويق لا نهائي ..، عبارة عن عمل روائي يجمع بين الواقع البشري والخيال، أمعنت صاحبة العمل رسم شخصيات الرواية بتفاصيلها وتعد شخصياته تلك هي مركز القوة والتميز في هذا العمل، بالإضافة إلى الحبكة المحكمة التي جمعتها وربطتها ببعضها البعض .. كان لها خيال يغلي لا يبرد ولا ينضب ولا يمل من إضافة شخصيات جديدة بصفات فريدة لتثري أحداث روايتها، حيث أضافت إليها دهشة أخرى كلما هدأ تفكير القارئ واطمأن إلى توقع معين لسير الأحداث ..
وبالمختصر، هي رواية مفعمة بالمشاعر المتناقضة، الحب، الغرور، الوفاء والخيانة، الفداء والتضحية، اللاعدل، براءة الطفولة المتمثلة في الطفلة اليتيمة «أوركيد» وتعقيدات الكبار.. والعفريت «نيروز « التي تعد شخصيته مزيج بين الغموض والحزم والرقة، والوفاء للحب إلى جانب الوفاء لقوانين عالمه، وبين سخريته من عالم البشر وتعلقه ببشرية صغيرة برتبة يتيمة، وفي الرواية أيضا المزيد مما سيكتشفه القارئ سواء من الأحداث المجهولة، أو من خلال تعرفه على أقوى الشخصيات وأطرفها المتمثلة في روفوس ورفاقه، ليصل بعدها إلى المغزى الاجمل والاهم هو : أن قوى الخير دائما ما تتغلب على قوى الشر.
رواية»نيرو ركيد»، ستسمح للقارئ رؤية العم رطيب بكل هزاله ومرحه يدس كفيه في جيوبه، فيما يلخص الحياة بعبارات قصيرة وكثيفة كالومضة .. وسيشارك العفريت نَيروز التحديق في عنق أوركيد الشفاف الذي يبدو وكأنه آنية زجاجية فخمة الصنع، ستنتحب بجوار مانيرفا الحسناء على السرير مع وحشها المضمد كالمومياء، فيما تصب في جوفه بعض الحساء والحياة، وسيتعاطف حتما مع ميثاء السكرانة، إذ كان عليها أن تهرب من فكرة محتملة لخسارة كنزها الثمين الذي أنفقت عمرها في انتظاره !،