تتحدّث الشّاعرة المغتربة، نورا الواصل، في هذا الحوار عن يومياتها في هذا الشهر الفضيل بعيدا عن الوطن، وفي ظل الحجر الصحي الذي ما يزال مفروضا عليهم بمرسيليا، حيث تحاول أن تعيش أجواء رمضان وكأنها في وطنها الأم، تتفرغ فيه أكثر للعبادة وتقل كتاباتها الشعرية، إلا في أحيان قليلة حيث تفرض القافية نفسها على الشاعر، مشيرة إلى أنها تستغل فترة الحجر المنزلي من أجل الكتابة والإبداع، خصوصا وأنهم في بلد أوروبي ومنطقة لا توجد فيها نشاطات ذات صلة بالشعر والشعراء.
- الشعب: بداية كيف يعيش الجزائري أجواء رمضان بعيدا عن الوطن؟
الشّاعرة نورا الواصل: قبل البدء أود أن أزف لكم التهاني والتبريكات بمناسبة شهر رمضان المبارك، سائلة الله عز وجل أن يعيده علينا بالخير واليمن والبركات، أنا نورا الواصل شاعرة جزائرية مغتربة في مدينة مرسيليا بفرنسا، متحصلة على شهادة الليسانس لغة ودراسات قرآنية متزوجة وأم لطفلين.
المغترب الجزائري كغيره من المغتربين المسلمين في ديار الغربة، يحاول أن يعيش أجواء رمضان وكأنه في وطنه، حيث تبدأ التحضيرات قبل دخول الشهر الفضيل بالاستعداد الروحي بصيام أيام من شهر شعبان، تهيئة للنفس حتى يكون القطاف مرضيا في رمضان، وكذلك الاستعداد على مستوى تحضير ما يلزم من أواني منزلية، وكذا بعض المشتريات لاستقبال شهر رمضان، دون أن ننسى تبادل التهاني والتبريكات بحلول أجمل ضيف علينا وهو شهر رمضان.
- في ظل الحجر الصحي الذي لا يزال مفروضا عليكم باعتبارك تتواجدين في دولة أوروبية ما تزال الإصابات فيها بوباء كورونا مرتفعة، كمثقفة كيف تقضين يومياتك بعيدا عن النشاطات الثقافية، خصوصا وأنها تنتعش في هذا الشهر الفضيل؟
بدءا أسال الله العظيم أن يرفع عنا هذا الوباء، الذي أثقل كاهلنا وغيّر حياتنا وأتعبنا، صراحة بالنسبة للجانب الثقافي هنا في مرسيليا لا يوجد ما يقال، لأننا في بلد أوروبي ومنطقة لا توجد فيها نشاطات ذات صلة بالشعر والشعراء، فالنشاط الوحيد هو النشاط من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، حتى أنني لا أعرف شعراء آخرين في مدينة مرسيليا، ومن خلال منبركم أرفع نداء لكل مثقف أو أديب أو شاعر في مدينة مرسيليا للاتصال بي، فلربما ساعد هذا في فك الحصار الذي أعانيه في مرسيليا والتجمد الثقافي.
- وهل قلّص الجمود الثقافي في مرسيليا إلى جانب الحجر من إبداعات الشاعرة، أم كان فرصة للاختلاء بقلمك وميلاد أعمال أدبية جديدة؟
مثلي مثل أي مبدع، لابد وأنّي تأثّرت بالحجر الصحي نفسيا، خصوصا في بدايات انتشار الوباء، حيث أنّني أحسست وكأنني في عزلة تامة فلا أنكر أنّ معنوياتي قد تأثّرت، ولكن والحمد لله مع الوقت استطعت تجاوز هذه المرحلة واستغلالها من أجل الكتابة والإبداع، وكذا جعلها فرصة من أجل التلاحم والتقارب الأسري أكثر.
- إذا يمكن القول إنّ الغربة من جهة والحجر الصحي من جهة أخرى كان لهما انعكاس على أعمال الكتاب المغتربين؟
كما هو جلي للجميع أن كل المبدعين قد أطلقوا العنان لأقلامهم محاولين الكتابة عن وفي هذه الفترة العصيبة، وقد تجلى ذلك عندي من خلال عدة قصائد تحدثت عن مشاعر الشوق والحسرة، وذلك لعدم إمكانية زيارة الأهل والوطن، فقلت في إحدى قصائدي:
يا دار أهلي إنّنا في ورطة
مُنع الطّريق وسيرها فلتعلمي
منع المجيء وكل نبضي يشتكي
شوقا يدك قلاع قلبي المغرم
سارت بنا نبضاتنا سير الخطى
يا دارنا فلتصبري ولتسلمي
- بعض الأدباء والمثقفين يعتبرون رمضان فرصة لتقييم أنفسهم على صعيد الكتابة، فهل تعتبرين نفسك من بين هذه الفئة؟
صراحة رمضان بالنسبة لي هو شهر للعبادة وترميم ما أفسدته شهور السنة المتبقية، لهذا تقل الكتابة فيه لأنني أتفرغ إلى الطاعة والقربات، فهو شهر يمر بسرعة وينقضي وتبقى الشهور الأخرى لغير ذلك ومنها الكتابة..طبعا هذا لا يعني أني لا أكتب نهائيا فالقافية تفرض نفسها على الشاعر في كثير من الأحيان.
- هل تصنّفين نفسك ضمن أدباء المهجر، وماذا قدّمت الغربة لنورا الواصل الشاعرة؟
قضية التصنيف أتركها لغيري والتاريخ، وما أتمناه أن يعدلني المؤرخون والتاريخ بإعطائي حقي من الذكر، لأن المبدع عموما والشاعر خصوصا أقصى أمانيه أن يخلد إسمه وحرفه.
- ختاما نهنّئك بلقب «فارس السجال»، وما الإضافة التي يمكن أن تقدمها هذه الألقاب للكاتب والأديب؟
لا أريد أن أنتقص من شأن التكريمات الفايسبوكية، ولكنها صدقا هي مجرد شهادات تحفيزية تدفع بالشاعر إلى الاجتهاد أكثر، خصوصا إذا كان وسط مجموعة كبيرة من خيرة الشعراء، وأنا والحمد لله نلت هذا اللقب أكثر من مرة، ولكني لا أنشر هذه التتويجات، والأهم في كل هذه المبادرات هو دفع عجلة الحرف للتقدم والإبداع أكثر، وهذا ما أتمناه وما أرجوه من المجموعات ذات الطابع الأدبي، بأن تكون لها المصداقية في التعامل مع المبدعين بالإنصاف حسب المستوى دون محاباة وبعيدا عن المجاملات.
ختاما أتوجّه بكل الشكر والتقدير لك ولكل طاقم جريدة «الشعب» على هذه الفرصة التي أتيحت لي، لأميط اللثام عن بعض الجوانب في حياتي، وكذا طرح بعض الرؤى والتطلعات.